الجاه أو السلطان ... إلخ, لكنه هو التقوى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم} [الحجرات: 49] , فالفقر والغنى في نظر الإسلام حقيقتان من حقائق الوجود الإنساني: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32] . أما المعيار الثاني للتمايز بين البشر فهو العلم: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] , وقد عمل الإسلام على معالجة الطبقية القائمة على أسس اقتصادية من خلال نظم الزكاة والنفقات وكفالة الدولة للفقراء والمحتاجين من العجزة الذين ليس لهم أقارب أغنياء، ومن خلال ضوابط الملكية الخاصة، ومن خلال الحيلولة دون تضخم الثروات عن طريق الميراث الشرعي, كما عالج مشكلة الطبقية النفسية "الغرور والكبر" عن طريق العبادات حيث تسوي بين الفقير والغني, وحيث يشعر الجميع بالخضوع لله سبحانه وتعالى, والعبادات تهذب النفوس, وتؤكد التضامن بين المسلمين, أما الطبقية القائمة على التفاوت المعرفي, فإن الإسلام يستخدم مصطلح الدرجات, ويوظف العلم في خدمة الدين والدنيا بشرط أن يكون ملتزمًا بالأطر الإسلامية، فقد استعاذ رسولنا عليه السلام من شر علم لا ينفع, وأفضل الناس من تعلم العلم وعلَّمه.
كذلك, فالإسلام يواجه مشكلة البطالة والتسول, بالدعوة إلى العمل لكل قادر عليه، بوصفه الأساس للتمايز بين الناس: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} الآية. [فصلت: 33] . وهو السبيل إلى تعمير الكون, وتحقيق التقدم والتنمية, وقد وجه القرآن الكريم أنظار المسلمين إلى تسخير الله كل ما في الأرض والسموات والبحار للإنسان, وما على الناس بعد هذا إلا السعي والعمل لاستغلال هذه الموارد الاقتصادية, والتمتع بزينة الحياة الدنيا وطيباتها في إطار ما رسمه الله من ضوابط, ويرى الفقهاء أن من واجب الحاكم الإسلامي تأمين العمل لكل قادر عليه، وعلى الدولة تأمين وسائل العمل للعمال, بغض النظر عن درجة بساطتها وتعقيدها، وقد خول الإسلام للحاكم أن يلزم أصحاب العمل بتشغيل العمال إذا امتنعوا عن ذلك ظلمًا، كما أجاز