معالجة هذه المشكلة من خلال الدعوة إلى العمل لكل قادر عليه ورفعه إلى مرتبة العبادة, وأوجب الزكاة وواجبات التكافل والصدقات، والدعوة إلى مبدأ المشاركة في الرزق الفائض "من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له, ومن كان عنده فضل زاد, فليعد به على من لا زاد له"، هذا إلى جانب مختلف الضوابط السابق الإشارة إليها.
ويذهب الاقتصادي الفرنسي "جاك أوستروي" في دراسة له بعنوان "الإسلام أمام التطور الاقتصادي"39 إلى أن الاقتصاد الإسلامي نظام وسط، وهو ينتقد المذاهب الاقتصادية بقوله: "إنه لا توجد طريقة وحيدة ضرورية للتنمية الاقتصادية كما تريد أن تقنعنا المذاهب القصيرة النظر في النظامين الرأسمالي والشيوعي حيث يدعى كل منهما أنه يمثل المنهج الاقتصادي الأمثل"، ويؤكد "أوستروي" ضرورة الاستفادة بما يطلق عليه المذهب الثالث في الإسلام الذي يقف موقفًا وسطًا بين المذاهب الفردية والجماعية, ويجمع بين حسنات كل المذاهب الاقتصادية المعاصرة، إلى جانب أنه يتغلب على جميع الصعوبات الاقتصادية التي يقف الاقتصاد الحر عاجزًا عن معالجتها.
تاسعًا: ينظم الإسلام علاقات العمل تنظيمًا دقيقًا متقنًا يحقق العدل, حيث يطالب العاملين بالإتقان في العمل ومراقبة الله سبحانه وتعالى قبل الخوف من رقباء الدنيا, قال عليه السلام: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه"، كما يقضي الإسلام من صاحب العمل أن يحدد للعامل مقدار العمل الذي سيكلف به، ومقدار الأجر، وأن يمنحه أجره بمجرد أداء العمل، وأن يكون حجم العمل على قدر ما يستطيعه العامل بحيث لا يؤدي إلى الإضرار بالعام صحيًّا أو اجتماعيًّا، يقول عليه الصلاة والسلام: "من استأجر أجيرًا, فليعلمه أجره"، قال عليه السلام: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" , ويقول عليه السلام: "إخوانكم خولكم, جعلهم الله تحت أيديكم, فمن كان أخوه تحت يده, فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس،