العمل، وعسى أن يختم لي بشر العمل؛ فيكون غدًا هو من المقربين، وأنا أكون من المبعدين.
فلا يخرج الكبر من قلبك إلا بأن تعرف أن الكبير من هو كبير عند الله تعالى، وذلك موقوف على الخاتمة وهي مشكوك فيها، فيشغلك خوف الخاتمة عن أن تتكبر مع الشك فيها على عباد الله تعالى، فيقينك وإيمانك في الحال لا يناقض تجويزك التغير في الاستقبال؛ فإن الله مقلب القلوب يهدي من يشاء ويضل من يشاء (?).
فتأمل أيها الراغب في العلم هذه الخصال الثلاث: الحسد، الرياء، الكبر. واعلم أن أعظم الأسباب في رسوخ هذه الخبائث في القلب: طلب العلم لأجل المباهاة والمنافسة، فالعامي بمعزل عن أكثر هذه الخصال، والمتفقه مستهدف لها وهو متعرض للهلاك بسببها، فانظر أي أمورك أهم؟! أتتعلم كيفية الحذر من هذه المهلكات وتشتغل بإصلاح قلبك وعمارة آخرتك؟ أم الأهم أن تخوض مع الخائضين فتطلب من العلم ما هو سبب زيادة الكبر والرياء والحسد والعجب حتى تهلك مع الهالكين؟!
واعلم أن هذه الخصال الثلاث من أمهات خبائث القلوب، ولها مغرس واحد وهو: حب الدنيا والركون إليها، فاعلم أن الدنيا مزرعة للآخرة، فمن أخذ من الدنيا بقدر الضرورة ليستعين بها على الآخرة؛ فالدنيا مزرعته، ومن أراد الدنيا ليتنعم بها؛ فالدنيا مهلكته.
فهذه نبذة يسيرة من ظاهر علم التقوى وهي بداية الهداية. فإن جربت بها نفسك وطاوعتك عليها فعليك بالاستزادة من العلم النافع، لتعرف كيفية الوصول إلى باطن التقوى.