وأما العجب والكبر والفخر: فهو الداء العضال، وهو: نظر العبد إلى نفسه بعين العز والاستعظام، وإلى غيره بعين الذل والاحتقار، ونتيجته على اللسان أن يقول: أنا وأنا (?)، كما قال إبليس اللعين: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [ص: 76].
وثمرته في المجالس: الترفع، والتقدم، وطلب التصدر فيها. وفي المحاورة: الاستنكاف من أن يرد كلامه عليه.
والمتكبر: هو الذي إن وعِظ أنف، أو وَعَظ عنَّف. فكل من رأى نفسه خيرًا من أحد من خلق الله تعالى فهو متكبر.
بل ينبغي لك أن تعلم أن الخيَّر من هو خيَّر عند الله في الدار الآخرة، وذلك غيب، وهو موقوف على الخاتمة، فاعتقادك في نفسك أنك خير من غيرك جهل محض، بل ينبغي ألا تنظر إلى أحد إلا وترى أنه خير منك، وأن الفضل له على نفسك، فإن رأيت صغيرًا قلت: هذا لم يعص الله وأنا عصيته فلا شك أنه خير مني، وإن رأيت كبيرًا قلت: هذا قد عبد الله قبلي فلا شك أنه خير مني.
وإن كان عالمًا قلت: هذا قد أُعطي ما لم أعط، وبلغ ما لم أبلغ، وعلم ما جهلت فكيف أكون مثله؟.
وإن كان جاهلاً قلت: هذا قد عصى الله بجهل وأنا عصيته بعلم، فحجة الله عليَّ آكد وما أدري بم يختم لي وبم يختم له؟ لا أدري عسى أن يسلم ويختم له بخير