قال: وأخبرني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن الخيول طلبت الروم حتى أجلتها عن أرض دمشق وحمص، وبعث إليه من كان بمدائن قنسرين والجزيرة يسألونه الموادعة سنة، فمن سار إلى أرض الروم في تلك السنة فهو حرب، ومن أقام فيها فهو ذمة وصلح، فأجابوهم إلى ذلك، ولم يغزوهم سنة، وجعلوا عمودا قائما بين المسلمين وبينهم، ليس للمسلمين أن يجوزوا ذلك العمود إليهم، ولا لهم أن يجوزوا العمود إلى المسلمين وصوروا قيصر في ذلك العمود جالسا في ملكه؛ فبينا رجل من المسلمين على فرسه معتقل رمحه إذ مر بذلك العمود وبتلك الصورة، فقال برمحه ففقأ بها عين التمثال، فاجتمعت الروم، فقالوا: غدرتم يا معشر العرب، وانتقض الصلح، فقالوا ما نقضه؟ فقالوا: فقأتم عين ملكنا، قالوا: ما ندري من صنع هذا، قالوا: فإنا لا نرضى دون أن نفقأ عين أميركم، قالوا: وكيف؟ قالوا:

تصورونه لنا في عمود ونصنع مثل ما صنعتم.

قال: فصوروا لهم مثالا، وأقبل رجل منهم حتى فقأ عينه برمحه وتم الصلح بينهم، فلما انقضت السنة سار من سار منهم وأقام من أقام على الصلح والجزية، ودخل المسلمون أرض قنسرين وأمضوا صلح من أقام بالجزية.

وقال أبو عبد الملك القرشي: وحدثنا ابن عائذ قال: (254- ظ) قال الوليد قال أبو عثمان معاوية بن يحيى: إن أبا عبيدة بن الجراح ولي فتح مدائن قنسرين، وأقبل إليه بطارقة من بطارقة الروم فيما بين قنسرين ومعرة مصرين فصافوه للقتال وتواقفهم للقتال، فقتل المسلمون اثني عشر بطريقا منها رميا بالنبل، ثم إن سائر البطارقة ركبت وقالت: نحن تبع لمن بين أيدينا من بطارقة المدائن والحصون، فمضى أبو عبيدة إلى أنطاكية.

قرأت في تاريخ سعيد بن كثيّر بن عفير قال: ثم كانت سنة سبع عشرة وفيها كان افتتاح قنسرين صلحا على يد أبي عبيدة، سار أبو عبيدة إلى قنسرين فافتتحها بصلح، وأغار على حاضرها فقتل المقاتلة وسبى الذرية، ولم يدخل مدينة حلب لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015