سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة قالا: وبعث أبو عبيدة بعد فتح حمص خالد بن الوليد إلى قنسرين فلما نزل بالحاضر، زحف إليهم الروم وثار أهل الحاضر وأمروا عليهم ميناس وهو رأس الروم وأعظمهم فيهم بعد هرقل فالتقوا بالحاضر فقتل ميناس ومن معه مقتله لم يقتلوا مثلها فأما الروم فماتوا على دمه، حتى لم يبق منهم أحد، وأما أهل الحاضر فهربوا وراسلوا خالدا بأنهم عرب وأنهم إنما حشروا ولم يكن من رأيهم حربه، فقبل عذرهم وتركهم.

فلما بلغ ذلك عمر رضي الله عنه قال: أمّر خالد نفسه، رحم الله أبا بكر، لقد كان أعلم بالرجال مني، وقد كان عزله والمثنى مع قيامه وقال: لم أعزلهما عن ريبة، ولكن الناس أعظموهما فخشيت أن يوكلوا إليهما، فلما كان من أمره وأمر قنسرين ما كان رجع عن رأيه، وكذلك فعل بالمثنى لما قام بعد أبي عبيد «1» ، وقال: كان أبو بكر رضي الله عنه أعلم بالرجال مني.

وسار خالد حتى نزل على قنسرين فتحصنوا منه فقال: إنكم لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم أو لأنزلكم إلينا فنظروا في أمرهم وذكروا ما (253- و) لقي أهل حمص، فصالحوه على صلح حمص، فأبى إلا على إخراب الدينة فأخربها فاتطأت حمص وقنسرين (فعند ذلك) خنس هرقل، وإنما كان سبب خنوسه أن خالدا حين قتل ميناس وماتت الروم على دمه وترك قنسرين طلع من قبل الكوفة عمر بن مالك من قبل قرقيسيا، وعبد الله بن المعتم من قبل الموصل، والوليد بن عقبة على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة، وطووا مدائن الجزيرة من نحو هرقل، وأهل الجزيرة في حرّان والرقة ونصيبين وذواتها لم يغرضوا غرضهم، حتى يرجعوا إليهم، إلا أنهم خلفوا في الجزيرة لئلا يؤتوا من خلفهم، فأدرب خالد وعياض مما يلي الشام، وأدرب عمر وعبد الله مما يلي الجزيرة، ولم يكونوا أدربوا قبله، ثم رجعوا، فهي أول مدربة كانت في الإسلام سنة ست عشرة، فرجع خالد إلى قنسرين فنزلها، وأتته امرأته، فلما عزله وضمه الى المدينة قال: إن عمر ولاني الشام حتى إذا صارت بثنية «2» وعسلا عزلني. الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015