الله لا يأكل طعاما إلا بملح يقدمه علي طعامه، عملا بالسنة، قالوا: فثقبت كعاب الشيخ أبي طالب ابن أخيه، وأحضر في ذلك اليوم لهما طعام، فقال الشيخ أبو عبد الله لغلامه ما أتيتني بملح؟ فقال: لا، فامتنع عن الاكل الي أن يأتيه بالملح، فقال له ابن أخيه أبو طالب: ما يشغلك ما نحن فيه عن طلب الملح في هذا الوقت فقال له (4- ظ) أبو عبد الله: ما بقيت أقعد عندك، ولبس ثوبه ورداءه وجلس، قالوا:
فضحك أبو طالب وقال: ان تركوك، قال: فلم يستتم كلامه حتي جاء رسول خلطبا «1» وأخرج أبا عبد الله من الاعتقال وترك أبا طالب علي حاله.
وسمعت عمي أبا غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة يقول: حدثني الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم قال: كان صاحب حلب قد اعتقل أبا طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي وعمه الشيخ أبا عبد الله ابن عبد الرحمن بقلعة حلب، فرأي أبو عبد الله ابن أخيه أبا طالب قليل الصبر كثير التململ ضيق الصدر، فقال له: يا أبا طالب تصبر أو أخليك وأنزل؟ فقال له: ان تركوك فانزل فما مضي الا هنيئة واذا برسول صاحب حلب قد جاء وأخرج الشيخ أبا عبد الله من الاعتقال، وترك أبا طالب مكانه.
سألت أبا بكر أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن العجمي الحلبي عن وفاة عم جده أبي عبد الله بن العجمي، فقال: توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة بحلب.
ثم وقع إلي بالقاهرة تاريخ لمحمد بن علي العظيمي بخطه فنقلت منه في حوادث سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيره عنه قال: مات الشيخ الإمام أبو عبد الله بن العجمي رحمه الله الدين الزاهد «2» ورثيته.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه في حوادث سنة أربع وثلاثين وخمسمائة قال: وفي ثالث (5- و) ذي الحجة توفي الشيخ أبو عبد الله الزاهد بن العجمي رحمه الله، حدثني من حضره قال: جئت افتقده وهو في آخر قوته، فقلت كيف تجدك؟ وأومأ إلي ايماء، فما شككت أنه تلك الساعة يموت