قلت: فمني كان ذلك؟ قال: سنة اثنتين وتسعين، وهي السنة التي أخذ فيها الافرنج لعنهم الله، بيت المقدس، يوم الجمعة سادس وعشرين شهر رمضان من شماليها وشرقيها من برج يقال له برج الطوسي فأجازها كما أنشدني:
تسوفني نفسي ستعمل صالحا ... وأعلم أن السوف لا شك قاتلي
فلله قوم فكروا فتيقظوا ... ومالوا علي اللذات ميلة قافل
رجال اذا هموا أثاروا وقبلوا ... متون مطاياهم صدور المنازل
تزود من الدنيا فانك راحل ... ولا تغترر منها بعذب المناهل
فكل نعيم لا محالة زائل ... وكل نعيم زال ليس بطائل
شاهدت في جزء بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة أثبت (4- و) ذكر جماعة من شيوخ حلب وحالهم قال: الشيخان الفقيهان: أبو محمد طاهر وأبو عبد الله الحسين فذكر مولد طاهر ووفاته، ثم قال: ومولد أخيه الحسين في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وتوفي يوم عرفة سنة أربع وثلاثين وخمسمائة رويا عن الفقيه أبي حامد التفليسي وغيره، ولهما رحلة الي مصر، ولقيا جماعة من العلماء بها وبغيرها.
هكذا وقع بخط أبي المكارم عن الفقيه أبي حامد التفليسي، وهو وهم، وانما هو أبو أحمد حامد بن يوسف، وذكره في عدة مواضع في هذا الخبر علي الوهم، وكأنه علق الجزء من خاطره لبعض المحدثين بدمشق، فوهم في كنية التفليسي، ولم يعرف اسمه واشتبه عليه اسم أبيه بكنيته، والله أعلم.
بلغني أن ختلغ آبه «1» أمير حلب اعتقل الشيخ أبا عبد الله بن العجي وابن أخيه أبا طالب عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحمن بقلعة حلب بسعاية بعض الشيعة بحلب، ونقلوا اليه عنهما أن المجن الفوعي «2» أودع عندهما وديعة، وكان ختلغ قد تتبع جماعة من الحلبيين وصادرهم ظلما وعدوانا، وكان الشيخ أبو عبد