ثمّ حذفوا اللام الأُخرى؛ ليُخَفِّفوا على اللِّسان. وقال فى باب كم: وزعم الخليل أَن قولهم لاهِ أَبوك، ولقيته أَمسِ، إِنَّما هو على: لله أَبوك ولقيته بالأَمس؛ ولكنهم حذفوا الجارّ والأَلف واللام: تخفيفاً على اللسان. وظاهر هذا الكلام يوافق القول الأَوّل.
ووزن أَصل لفظ الجلالة على الثانى - أَعنى قول الكوفيّين - فِعال، ومعناه مفعول؛ كالكتاب بمعنى المكتوب؛ ثم قيل أُدخلت أَلْ على لفظ إِلاه، فصار الإِْلاه، ثمّ نقلت حركة الهمزة إِلى لام التعريف، وحذفت الهمزة فصار أَلِلاَه، ثمّ أُدغم فصار أَلله، وقيل: حُذِفت الهمزة ابتداءً، كقولهم فى أُناس: ناس، ثم جئَ بأَل عوضاً عنها، ثمّ أُدغم. ولم يذكر الزّمخشرى فى الكشَّاف غيره. وهو محكىّ عن الخليل.
وأَل فى الله إِذا قلنا: أَصله أَلِلاَه قالوا للغلبة. قرّروه بأَنَّ (إِلاه) يطلق على المعبود بالحقّ والباطل، والله مختصّ بالمعبود بالحقّ، فهو كالنَّجم للثُريّا. ورُدّ بأَنه بعد الحذف والنَّقل لم يُطْلق على كلّ إِله، ثمّ غلب على المعبود بالحقّ. وقد ينفصل عنه بأَنَّ القائل بهذا أَطلق عليها ذلك؛ تجوّزاً باعتبار ما كان؛ لأَن اللفظة منقولة من أَلِلاَه وأَل فى أَلِلاَه للغلبة. فهى فى لفظ الله على هذا مثلُها فى عَلَم منقول من اسمٍ أَل فيه للغلبة. ولكن فيه نظر من جهة أَنَّ النَّقل يتعيّن كونُه ممَّا أَلْ فيه للغلبة: لأَنَّ (أَلِلاَه) من أَسماءِ الأَجناس.