(أَنا لكم إخوتي نَذِير ... من هول مَا ضمت الْقُبُور)
(عَايَنت مَا لم تعاينوه ... وَإِنَّمَا يبتلى الْخَبِير)
(إِن الَّذِي حل بِي جليل ... جدا فقد أعذر النذير)
(فَإِنَّمَا أَنْت فِي غرور ... فَلَا يغرنك الْغرُور)
(فَإِن قدامك المنايا ... والقبر والبعث والنشور)
(إِمَّا إِلَى جنَّة وَإِمَّا ... إِلَى جحيم لَهَا سعير)
فَالله الله يَا معشر الْإِسْلَام انتبهوا من ثقل هَذَا الْمَنَام فَإِن أمامكم وَحْشَة الْقُبُور بعد سَكَرَات هول الْحمام فَمن ضيع فِي البطالة والجهالة أَيَّامه وَكَثُرت فِي صَحِيفَته أوزاره وآثامه فمقام الْحَسْرَة غَدا فِي الْقَبْر مقَامه
وأنشدوا
(أبْصر وَتب يَا رجل ... قد أزف التنقل)
(إِلَى مَحل ضيق ... تذْهب فِيهِ الْحِيَل)
(مَالك فِيهِ مؤنس ... إِلَّا التقي وَالْعَمَل)
(أَي غُلَام قَامَ فِي ... محرابه يبتهل)
(يَقُول فِي سجدته ... ودمعه ينهمل)
(يَا ظَاهر يَا بَاطِن ... يَا مَالك لَا تعجل)
(اغْفِر ذُنُوبِي كلهَا ... فشأنك التفضل)
(وَتب عَليّ تَوْبَة ... فَهِيَ المنى والأمل)
رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ بَيْنَمَا نَحن جُلُوس فِي مجْلِس ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِذْ وقف رجل بَين يَدَيْهِ فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس مَا أذلّ العاصين بَين يَدي الله تَعَالَى وَمَا أحسن المبادرين إِلَى طَاعَة الله تَعَالَى يَا ابْن عَبَّاس مَا أغفل المذنبين عَن قرب الْجَلِيل وَأَشد تَخْلِيط من لم يوفق بالرحيل
قَالَ ثمَّ خرج
فَقَامَ إِلَى ابْن عَبَّاس بعض جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ يَا ابْن عَبَّاس إِن هَذَا الْفَتى نباش وَإِنَّمَا يتستر بِهَذِهِ الْمقَالة فَإِذا جن عَلَيْهِ اللَّيْل خرج إِلَى الْمَقَابِر فنبش فيعري الْمَوْتَى من أكفانهم
قَالَ ابْن عَبَّاس لَا أصدق مثل هَذَا حَتَّى أرَاهُ بعيني وألمسه بكفي
فَقَالَ لَهُ الرجل إِن شِئْت لأرينك ذَلِك
فَقَالَ قد شِئْت
فَلَمَّا هجم اللَّيْل إِذا الْفَتى قد