(وَمَا للنَّفس عنْدك مُسْتَقر ... إِذا مَا استكملت أَََجَلًا وَرِزْقًا)

تَفَكَّرُوا فِي الْمُلُوك العتاة والجبابرة والطغاة الَّذين عمروا الدُّنْيَا وملكوها وأقطارها وَسَكنُوا المشيد من قُصُورهَا كَانُوا أَشد مِنْكُم قُوَّة وآثارا واقوى أجساما وأطول أعمارا خلفوا مَا كسبوا للأهل والأحباب وَعمر دِيَارهمْ من بعدهمْ الْأَصْحَاب وانصرم عَنْهُم اللَّيْل وَالنَّهَار ونزلوا على مَا عمِلُوا من الأوزار فَلَو أبصرتموهم بعد قَلِيل فِي ظلمات الْقُبُور وَقد تقطعت مِنْهُم الْجُلُود وتمزقت الخدود وضيقت على أبدانهم اللحود وَاتخذ الْخَلِيل من بعدهمْ خَلِيلًا وَصَارَت أبدانهم للدود مقيلا

فتفكر يَا أخي وَكن إِلَى التَّوْبَة مسرعا عجولا وَلَا تُطِع الشَّيْطَان إِنَّه كَانَ للْإنْسَان خذولا وكو نوا أَوْلِيَاء الرَّحْمَن وَلَا تَكُونُوا أَوْلِيَاء الشَّيْطَان

فَعَسَى الله أَن ينجيكم من عَذَاب النيرَان ويدخلكم برحمته الْجنان

وأنشدوا

(اعْمَلْ لمثواك فِي الضريح ... واندم على فعلك الْقَبِيح)

(وَلَا تقصر وفيك روح ... فَسَوف تبقى بِغَيْر روح)

(واقرح الخد من دموع ... بالجد من قَلْبك القريح)

(وَالْتمس الصفح قبل يَوْم ... تنقل فِيهِ إِلَى الصفيح)

(يَا نفس إِنِّي غَدا طريح ... والترب يحثى على الطريح)

(نوحي فَلَو قد حواك قبر ... لم تقدري فِيهِ أَن تنوحي)

أحبابي قومُوا بِنَا إِلَى الْحزن والبكاء وَإِلَى طول الأسف والأسى لَعَلَّ الله يَرْحَمنَا فِي ظلمات الْقَبْر وَعَسَى فَإِن الْقَبْر يُنَادي فِي الصَّباح والمسا

قيل وقف بعض الصَّالِحين فِي الْمَقَابِر وَأَنْشَأَ يَقُول

(أغضاب أحبابنا أم رقود ... فَإلَى كم يكون هَذَا الصدود)

(إِن تَكُونُوا قوما نياما فهبوا ... كم تناموا عَنَّا وَنحن قعُود)

(أَو تَكُونُوا هجرتمونا بذنب ... كَانَ منا فإننا لَا نعود)

حُكيَ عَن بَعضهم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ مَاتَ لي صديق فاغتممت عَلَيْهِ لما كَانَ فِيهِ من الصّلاح وَالْخَيْر وَحسن الطَّرِيقَة فرأيته بعد مَوته فِي الْمَنَام فَسَأَلته عَن حَاله فَأَنْشَأَ يَقُول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015