أَيْ مِنْ التَّهَجُّدِ وَنَحْوِهِ مِنْ ذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ فَإِنَّ النَّفْسَ إذَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ اسْتَقْبَلَتْ السَّهَرَ بِنَشَاطٍ وَقُوَّةِ انْبِسَاطٍ فَوَجْهُ النَّدْبِ هُوَ التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ فَنَوْمُ الْعَالِمِ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الْجَاهِلِ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ «وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ» الظَّاهِرُ مِنْ كَانَ هُوَ الْكَثْرَةُ «يَفْعَلُ ذَلِكَ» وَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ السُّنَّةِ الْعَادِيَّةِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَطْلُوبِ كَمَا سَمِعْت الِاهْتِمَامُ وَالِالْتِزَامُ عَلَى إتْيَانِ جَمِيعِ مَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى مُتَابَعَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

وَرُوِيَ عَنْ الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ إذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا أَجْدَرُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِيهِ وَلَا يُنْقِصَ مِنْهُ وَيَتَّبِعَ لِأَوَامِرِهِ مِنْ ابْنِ عُمَرَ» فِي حَدِيثٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَتَّبِعُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآثَارَهُ وَحَالَهُ وَيَهْتَمُّ بِهِ حَتَّى كَانَ قَدْ خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ اهْتِمَامِهِ بِذَلِكَ (م) مُسْلِمٌ.

(عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَغِبَ» أَعْرَضَ «عَنْ سُنَّتِي» لِاتِّبَاعِ هَوًى وَمَيْلِ نَفْسٍ وَتَرْجِيحِ بَاطِلٍ وَإِيثَارِ لَذَّةٍ فَانِيَةٍ عَاجِلَةٍ عَلَى بَاقِيَةٍ آجِلَةٍ دَائِمَةٍ وَالسُّنَّةُ الطَّرِيقَةُ وَالسِّيرَةُ أَقْوَالًا أَوْ أَفْعَالًا «فَلَيْسَ مِنِّي» أَيْ مِنْ مِلَّتِي وَدِينِي أَوْ مِنْ أُمَّتِي الْكَامِلَةِ أَوْ فَلَيْسَ لَهُ شَفَاعَةٌ مِنِّي قِيلَ فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهَا مُعْتَقِدًا لَهَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ فَاسِقٌ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا حَقًّا وَتَهَاوَنَ بِهَا فَهُوَ كَافِرٌ لَا يَخْفَى أَنَّ تَارِكَ السُّنَّةِ مُعْتَقِدًا سُنِّيَّتَهَا لَا يَكُونُ فَاسِقًا لَا سِيَّمَا السُّنَّةَ الْمُطْلَقَةَ الشَّامِلَةَ لِلزَّوَائِدِ وَأَنَّ مُعْتَقِدَ عَدَمِ حَقِّيَّةِ السُّنَّةِ إنَّمَا يَكْفُرُ إنْ مُتَوَاتِرًا فَلَعَلَّ الْكُفْرَ إمَّا فِي التَّوَاتُرِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الِاسْتِهَانَةِ وَالِاسْتِحْقَارِ إنْ اعْتَرَفَ سُنِّيَّتَهَا ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ السُّنَّةِ إمَّا مَا ثَبَتَ بِمُطْلَقِ السُّنَّةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ بِمَعْنَى مُطْلَقِ النَّدْبِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُقَابِلِ لِلْوُجُوبِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ الْمُطْلَقُ الشَّامِل لَهُمَا (حب) ابْنُ حِبَّانَ

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ آخِرُهُ وَبِعَلَامَةِ وَاوٍ بَعْدَ رَاءٍ عُمَرَ فِي بَعْضِهَا فَعَلَى الثَّانِي يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعَلَى الْأَوَّلِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

(أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِكُلِّ عَمَلٍ» خَيْرًا وَشَرًّا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا «شِرَّةٌ» بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ نَشَاطٌ وَرَغْبَةٌ وَالظَّاهِرُ الْمُرَادُ الشَّوْقُ وَالنَّشَاطُ فِي قَصْدِ الْعَمَلِ الَّذِي بِهِ التَّرْجِيحُ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ الدَّاعِي لِإِتْيَانِهِ.

«وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ» بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فُتُورٌ وَضَعْفٌ وَسُكُونٌ بَعْدَ حِدَّةٍ يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَنْ غَلَبَ نَشَاطُهُ إلَى شَيْءٍ مُطْلَقًا لَا بُدَّ وَأَنْ يَضْعُفَ مِنْهُ لِعَدَمِ عِلْمٍ وَغَفْلَةٍ لِمَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَوْ عَلِمَ كَمَالًا وَلَوْ شَرًّا وَضُرًّا فِي نَفْسِهِ أَقْبَلْت عَلَيْهِ وَأَقْدَمْت وَلَا تَنْدَفِعُ بِدُونِ رَأْيِ وَجْهٍ مِنْ النَّقْصِ.

«فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ» أَيْ فُتُورُهُ «إلَى سُنَّتِي» بِتَرْكِ الْإِقْبَالِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِالِاشْتِغَالِ إلَى السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ «فَقَدْ اهْتَدَى» يَعْنِي مَنْ كَانَ فُتُورُهُ عَنْ كُلِّ أَعْمَالٍ لِلدُّخُولِ إلَى السُّنَّةِ أَوْ كَانَ ضَعْفُهُ وَعِيُّهُ لِأَجْلِ كَوْنِ حَالِهِ وَعَمَلِهِ مِنْ سُنَّةٍ إلَى سُنَّةٍ فَقَدْ اهْتَدَى أَيْ فَازَ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ «وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ» أَيْ فُتُورُهُ وَضَعْفُ طَلَبِهِ مِنْ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِهِ «إلَى غَيْرِ ذَلِكَ» أَيْ غَيْرِ السُّنَّةِ كَالْبِدْعَةِ فَقَدْ هَلَكَ بِالضَّلَالِ فِي الدُّنْيَا وَالْحَسْرَةِ فِي الْآخِرَةِ.

(طك) الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (حب) وَابْنُ حِبَّانَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ فَالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ (حك) وَالْحَاكِمُ (عَنْ عَائِشَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سِتَّةٌ» صَحَّ كَوْنُهَا مُبْتَدَأً لِوَصْفٍ مُقَدَّرٍ أَوْ لِمُضَافٍ إلَيْهِ «لَعَنْتُهُمْ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015