مِمَّا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَتَعْظُمُ بِهِ الْأُجُورُ، وَلَا يُنَاقِضُهُ الْأَمْرُ بِقَتْلِ بَعْضِهِ أَوْ إبَاحَتِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أُمِرْنَا بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ كَذَا فِي الْقَبْضِ وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَكُنْ رَحِيمًا لِنَفْسِك؛ وَلِغَيْرِك، وَلَا تَسْتَبِدَّ بِخَيْرِك فَارْحَمْ الْجَاهِلَ بِعِلْمِك وَالذَّلِيلَ بِجَاهِك وَالْفَقِيرَ بِمَالِك وَالصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ بِشَفَقَتِك وَرَأْفَتِك وَالْعُصَاةَ بِدَعْوَتِك وَالْبَهَائِمَ بِعَطْفِك وَدَفْعِ غَضَبِك فَأَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَرْحَمُهُمْ لِخَلْقِهِ فَكُلُّ مَا تَفْعَلُهُ مِنْ خَيْرٍ دَقَّ أَوْ جَلَّ فَصَادِرٌ عَنْ صِفَةِ الرَّحْمَةِ
بَادِرْ إلَى الْخَيْرِ يَا ذَا اللُّبِّ مُغْتَنِمَا ... وَلَا تَكُنْ مِنْ قَلِيلِ الْخَيْرِ مُحْتَشِمَا
وَاشْكُرْ لِمَوْلَاك مَا أَوْلَاك مِنْ نِعَمٍ ... فَالشُّكْرُ يَسْتَوْجِبُ الْأَفْضَالَ وَالْكَرَمَا
وَارْحَمْ بِقَلْبِك خَلْقَ اللَّهِ وَارْعَهُمُوا ... فَإِنَّمَا يَرْحَمُ الرَّحْمَنُ مَنْ رَحِمَا
وَلَعَلَّك قَدْ سَمِعْت مَغْفُورِيَّةَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَرْحَمَتِهِ نَمْلَةً، وَعُمَرَ بِمَرْحَمَتِهِ عُصْفُورًا، وَأَبِي حَنِيفَةَ بِمَرْحَمَتِهِ ذُبَابًا (وَمِنْهُ عَدَمُ تَحَفُّظِ الْعِمَامَةِ وَاللِّبَاسِ وَالنَّعْلِ عَمَّا يُبْلِيهِ) مِنْ الْبِلَى أَيْ مَا يُسْرِعُ بِهِ الْبِلَى (أَوْ يُحْرِقُهُ) مِنْ إلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ النَّدِيَّةِ قِيلَ مِنْهُ نَشْرُ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ فَإِنَّهُ يُبْلِيهَا (وَكَثْرَةُ اسْتِعْمَالِ الصَّابُونِ فِي الْغَسْلِ) زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ (وَالدُّهْنِ وَالشَّمْعِ) ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ الْعَسَلِ يَلْحَقُ بِهِ مَا يَكُونُ مِنْ الشَّحْمِ (فِي السِّرَاجِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْقَلِيلِ، وَكَذَا اسْتِعْمَالُ الْحَطَبِ وَرَاءَ الْحَاجَةِ (وَمِنْهُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ بِالنُّقْصَانِ) عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ إجَارَةِ الْمِثْلِ (وَالشِّرَاءُ وَالِاسْتِئْجَارُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يُضْطَرَّ) فَإِنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ (أَوْ لَمْ يَنْوِ الصَّدَقَةَ) قِيلَ؛ لِأَنَّهَا بِهَذَا الطَّرِيقِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَاتِ لَعَلَّ لِكَوْنِهَا مِنْ قَبِيلِ الصَّدَقَةِ الْخَفِيَّةِ (وَنَحْوَهَا) نَحْوُ صِيَانَةِ الْعِرْضِ وَكَفِّ اللِّسَانِ وَخَوْفِ لُحُوقِ ضَرَرٍ (وَإِنْ كَانَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ (بِطَرِيقِ الْغَبْنِ فَقَدْ وَرَدَ) فِي الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (الْمَغْبُونُ لَا مَحْمُودَ) عِنْدَ النَّاسِ (وَلَا مَأْجُورَ) عِنْدَ اللَّهِ لَعَلَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ إقَامَةِ دَلِيلِ التَّالِي مَقَامَ التَّالِي فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ إسْرَافًا وَحَرَامًا، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَمْدُوحٍ، وَلَا مَأْجُورٍ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَحْتَسِبْ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ فَيُؤْجَرْ، وَلَمْ يَتَحَمَّدْ إلَى بَائِعِهِ فَيُحْمَدْ لَكِنْ اسْتَرْسَلَ فِي وَقْتِ الْمُبَايَعَةِ وَاسْتَغْبَنَ فَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ الْبَائِعِ مَوْقِعَ الْمَعْرُوفِ فَيُحْمَدْ بَلْ رَجَعَ لِنَفْسِهِ فَقَالَ خَدَعْته فَذَهَبَ الْحَمْدُ، وَلَمْ يَحْتَسِبْ فَذَهَبَ الْأَجْرُ.
(وَمِنْهُ الزِّيَادَةُ فِي الْكَفَنِ كَمًّا) بِكَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى الْعَدَدِ الْمَسْنُونِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فِيهِ وَالْخَمْسَةُ فِيهَا وَيَكُونُ الْإِزَارُ وَاللِّفَافَةُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ لَا أَزْيَدَ مِنْهُ وَيَكُونُ الْقَمِيصُ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْقَدَمِ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ، وَقِيلَ إلَى السَّاقِ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالتَّتَبُّعِ كَذَا قِيلَ (أَوْ كَيْفًا) بِأَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِمَا يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ فِي الرِّقَّةِ وَالْحُسْنِ وَالْقِيمَةِ