قِيلَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مَعَ مَا ذُكِرَ انْتِفَاعٌ مَا بِهِ لَمْ يَكُنْ إسْرَافًا لِحُصُولِ النَّفْعِ مَعَ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ (وَكَعَدِمِ اجْتِنَاءِ الثِّمَارِ) أَيْ أَخْذِهَا مِنْ الشَّجَرِ وَجَمْعِهَا (وَالزُّرُوعِ) مِنْ الْأَرْضِ (حَتَّى تَهْلِكَ وَتَفْسُدَ، وَعَدَمِ إيوَاءِ الْمَوَاشِي) أَيْ ضَمِّهَا جَمْعُ مَاشِيَةٍ هِيَ نَحْوُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (وَالْأَرِقَّاءِ) جَمْعُ رَقِيقٍ (دَارًا) تُحَصِّنُهَا (أَوْ نَحْوَهَا) مِمَّا يُصَانُ فِيهِ عَادَةً مِنْ التَّلَفِ (فِي مَوْضِعٍ يُخَافُ فِيهِ) مِنْ الْهَلَاكِ (وَعَدَمِ الْإِطْعَامِ وَالْإِلْبَاسِ حَتَّى يَهْلِكَ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ أَوْ الْجُوعِ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْإِسْرَافِ (مَا فِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ يَحْتَاجُ إلَى تَنْبِيهٍ وَتَذْكِيرٍ) لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ الْإِسْرَافِ (كَعَدَمِ تَعَهُّدِهِ) تَفْتِيشِ أَحْوَالِهِ (بَعْدَ جَمْعِهِ وَحِفْظِهِ) فِي مَكَان (حَتَّى يَتَعَفَّنَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوُصُولِ رُطُوبَةٍ) أَرْضِيَّةٍ (أَوْ بَلَلٍ أَوْ نَحْوِهَا) مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِهِ كَمَنْ جَمَعَ بَصَلَهُ وَزَرْعَهُ وَبِطِّيخَهُ، وَعَدَسَهُ وَشَعِيرَهُ وَحِنْطَتَهُ وَغَيْرَهَا وَأَصَابَهَا بَلَلُ مَاءٍ وَنَحْوُهُ فَهَلَكَتْ وَضِيعَتْ (أَوْ) حَتَّى (يَأْكُلَهُ السُّوسُ) هُوَ دُودُ الْحَبِّ وَالْفَوَاكِهِ (أَوْ الْفَأْرَةُ) عَنْ الْمِصْبَاحِ يُهْمَزُ، وَلَا يُهْمَزُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (أَوْ النَّمْلُ أَوْ نَحْوُهَا) مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَالْحَشَرَاتِ (وَأَكْثَرُ وُقُوعِ هَذَا فِي الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْمَرَقِ وَالْجُبُنِ) بِضَمَّتَيْنِ مُشَدَّدُ النُّونِ أَوْ مُخَفَّفُهُ (وَنَحْوِهَا) مِمَّا يَتَعَفَّنُ كَالدُّهْنِ وَالسَّمْنِ وَالشَّيْرَجُ (وَفِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ كَالْبِطِّيخِ وَالْبَصَلِ، وَقَدْ يَقَعُ فِي الْيَابِسَةِ كَالتِّينِ وَالزَّبِيبِ وَالْمِشْمِشِ) وَالْعُنَّابِ وَالتُّوتِ.
(وَقَدْ يَكُونُ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَسَادِ (فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَدَسِ وَنَحْوِهَا) كَالْمَاشِّ وَالْأَرُزِّ (وَقَدْ يَكُونُ) الْفَسَادُ (فِي الثِّيَابِ وَالْكُتُبِ وَكَصَبِّ مَا فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ وَكَغَسْلِ الْقِطْعَةِ وَالْمِلْعَقَةِ وَالْيَدِ قَبْلَ اللَّعْقِ أَوْ الْمَسْحِ) بِالْيَدِ أَوْ الْخُبْزِ (فَالْأَكْلُ) عَقِيبَهُ يَعْنِي أَنَّ غَسْلَ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَ وُجُودِ اللَّعْقِ، وَقَبْلَ وُجُودِ الْمَسْحِ بِالْيَدِ أَوْ الْخُبْزِ بَعْدَهُ سَوَاءٌ لَمْ يُوجَدْ الْمَسْحُ أَوْ وُجِدَ، وَلَمْ يُوجَدْ الْأَكْلُ بَعْدَهُ يَكُونُ مِنْ الْإِسْرَافِ وَمَنْ قَالَ الظَّاهِرُ فِي الْأَكْلِ بَدَلٌ فَالْأَكْلُ لَمْ يُصَبَّ لِعَدَمِ انْحِصَارِهِ فِي صُورَةِ الْأَكْلِ كَمَا فِي نَقْلِ الْعَسَلِ مِنْ ظَرْفٍ إلَى ظَرْفٍ بِيَدِهِ مَثَلًا فَإِنَّ غَسْلَ يَدِهِ قَبْلَ اللَّعْقِ مِنْ الْإِسْرَافِ كَذَا قِيلَ. وَأَقُولُ كَعَدَمِ إصَابَةِ مَنْ قَالَ إنَّهُ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ، وَالظَّاهِرُ فِي الْأَكْلِ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ إسْرَافٌ فِي الْأَكْلِ أَيْ فِي الْمَأْكُولِ، وَلَوْ لَبَنًا كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ. انْتَهَى.
ثُمَّ أَقُولُ بَلْ لَا حَاصِلَ لِقَوْلِهِ فِي الْأَكْلِ إذْ الْإِسْرَافُ إنَّمَا يَنْدَفِعُ بِالْأَكْلِ بَعْدَ اللَّعْقِ وَالْمَسْحِ لَا بِمُجَرَّدِ اللَّعْقِ وَالْمَسْحِ وَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ مُعْتَبَرٌ فِي الرِّوَايَاتِ أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ