انْتَهَى. وَفِي الْأَشْبَاهِ فَلَوْ أَغْضَبَ صَبِيًّا وَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ أَوْ الْحُمَّى (وَارْتَضَاهُ الْإِمَامُ التُّورْبَشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) مِنْ فُضَلَاءِ الْحَنَفِيَّةِ (لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ) نَفْسِهَا بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ كَمَا سَبَقَ (وَبَيْنَهَا) الظَّاهِرُ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ (وَبَيْنَ قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ) إذْ ظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مَنْعُ السِّرَايَةِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ إثْبَاتُ السِّرَايَةِ فِي الْبَعْضِ وَحُمِلَ مَنْعُ السِّرَايَةِ عَلَى مَا هِيَ بِالطَّبْعِ وَحُمِلَ إثْبَاتُ السِّرَايَةِ عَلَى مَا هِيَ بِإِذْنِهِ تَعَالَى تَوْفِيقٌ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ (حَيْثُ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْعِلَلَ السَّبْعَ تَتَعَدَّى) لَا يَخْفَى إنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا التَّوْفِيقُ إذَا لَمْ يُصَرِّحُوا السِّرَايَةَ بِالطَّبْعِ وَأَنَّ عِلْمَ الطِّبِّ نَوْعٌ مِنْ عِلْمِ الْحِكْمَةِ وَالْحُكَمَاءُ يَنْفُونَ صُدُورَ الْأَشْيَاءِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً غَيْرَ الْعَقْلِ الْأَوَّلِ بَلْ يَنْسُبُونَ صُدُورَ مِثْلِ مَا ذَكَرْنَا إلَى الْعَقْلِ الْفَيَّاضِ أَيْ الْعَاشِرِ (الْجُذَامُ) يُقَالُ جَذَمَ الْإِنْسَانُ إذَا أَصَابَهُ الْجُذَامُ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَيُسْقِطُهُ (وَالْجَرَبُ) خَلْطٌ غَلِيظٌ يَحْدُثُ فِي الْجِلْدِ مِنْ مُخَالَطَةِ الْبَلْغَمِ الْمِلْحِ لِلدَّمِ (وَالْجُدَرِيُّ) قُرُوحٌ تَتَنَفَّطُ عَنْ الْجِلْدِ مُمْتَلِئَةٌ مَاءً ثُمَّ تَتَقَيَّحُ وَأَوَّلُ مَنْ عُذِّبَ بِهِ فِرْعَوْنُ ثُمَّ بَقِيَ بَعْدَهُ (وَالْحَصِبَةُ) وِزَانُ كَلِمَةٍ بَثْرٌ تَخْرُجُ بِالْجَسَدِ وَيُقَالُ هِيَ الْجُدَرِيُّ (وَالْبَخَرُ) نَتِنُ رِيحِ الْفَمِ (وَالرَّمَدُ) وَجَعُ الْعَيْنِ.
(وَ) السَّابِعُ (الْأَمْرَاضُ الْوَبَائِيَّةُ) قَدْ تُفَسَّرُ بِالطَّاعُونِ وَالْحُمَّى الْمُحْرِقَةِ وَالتَّعَدِّيَةُ غَيْرُ مَقْصُورَةٍ عَلَى هَذِهِ السَّبْعِ بَلْ مَذَاهِبُهُمْ أَنَّ كُلَّ عِلَّةٍ يَكُونُ لَهَا نَتِنٌ وَرِيحٌ كَرِيهٌ لَهَا تَعْدِيَةٌ أَوْ رُدَّ عَلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ لَيْتَ شِعْرِي مَا سَبَبُ قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ بِالسِّرَايَةِ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الْأَمْرَاضِ اخْتِلَاطُ الْأَخْلَاطِ وَالِاسْتِقْصَاءَات وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَسْبَابَ الْأَمْرَاضِ اخْتِلَاطُ الْأَخْلَاطِ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ مَنْ يَقْرَبُ مِنْ صَاحِبِ هَذِهِ الْأَوْرَامِ يَحْصُلُ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تَكُونُ سَبَبًا لِاخْتِلَاطِ الْأَخْلَاطِ السَّبَبِ لِحُصُولِ الْأَمْرَاضِ فَيَمْرَضُ مِثْلَ مَرَضِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَمْرُهُمْ بِالتَّبَاعُدِ عَنْهُ وَبِعَدَمِ الْجُلُوسِ تَحْتَ الرِّيحِ مِنْهُ انْتَهَى أَقُولُ لَعَلَّ الْحَقَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِجَرَيَانِ عَادَةٍ مِنْهُ تَعَالَى فَيَحْصُلُ الْمَرَضُ بِمُجَرَّدِ الْقُرْبِيَّةِ فَيُحْدِثُ اللَّهُ تَعَالَى اخْتِلَاطَ الْأَخْلَاطِ حِينَئِذٍ فَيَمْرَضُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَمْرَضَ بِلَا اخْتِلَاطٍ أَصْلًا عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ الْجَامِعُ هَهُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَحَدُهَا مَا لَمْ يَقَعْ الضَّرَرُ بِهِ وَلَا اطَّرَدَتْ بِهِ عَادَةٌ لَا خَاصَّةٌ وَلَا عَامَّةٌ فَهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الشَّرْعُ الِالْتِفَاتَ إلَيْهِ وَهُوَ الطِّيَرَةُ وَالثَّانِي مَا يَقَعُ عِنْدَهُ الضَّرَرُ عُمُومًا لَا خُصُوصًا وَنَادِرًا لَا مُتَكَرِّرًا كَالْوَبَاءِ فَلَا يَقْدُمُ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَالثَّالِثُ مَا يَخُصُّ وَلَا يَعُمُّ كَالدَّارِ وَالْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ فَهَذَا يُبَاحُ الْفِرَارُ مِنْهُ
(وَضِدُّ الطِّيَرَةِ الْفَأْلُ) بِالْهَمْزَةِ وَرُبَّمَا يُخَفِّفُهَا النَّاسُ (وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ) قِيلَ الْفَأْلُ فِيمَا يَسُرُّ وَيَسُوءُ وَالسُّرُورُ غَالِبٌ وَالطِّيَرَةُ فِيمَا يَسُوءُ فَقَطْ وَقَدْ يَتَجَوَّزُ فِي السُّرُورِ وَقِيلَ الطِّيَرَةُ فِيمَا يَسُوءُ وَالْفَأْلُ فِيمَا يَسُرُّ (خ م عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ» ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَيَنَالُ بِذَلِكَ فَائِدَةً قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي الْفَأْلُ الْحَسَنُ شَرْطُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الشَّرَّ وَإِلَّا فَطِيَرَةٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ ( «قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» أَيْ يَحْصُلُ التَّبَرُّكُ وَالتَّيَمُّنُ بِهَا لِحُسْنِ مَدْلُولِهَا مِثْلُ يَا وَاجِدُ وَيَا سَالِمُ فَإِذَا سَمِعَ مَنْ لَهُ حُجَّةٌ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ رَجَاءَ الْوِجْدَانِ وَالسَّلَامَةِ وَبِالْجُمْلَةِ اسْتِمَاعُ الْكَلِمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى حُصُولِ الْمَرَامِ وَالنَّجَاحِ وَخَيْرِ الْعَاقِبَةِ