أُمُورِهِمْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَقِيلَ الْأَوَّلُ يَخْتَصُّ بِالشَّرِّ وَالثَّانِي أَعَمُّ كَمَا فِي الْفَيْضِ قِيلَ عَنْ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ لِابْنِ مَالِكٍ يَعْنِي لَا تَطْلُبُوا التَّطَلُّعَ عَلَى خَيْرِ أَحَدٍ وَلَا عَلَى شَرِّهِ؛ لِأَنَّ اطِّلَاعَ الْخَيْرِ رُبَّمَا يُفْضِي إلَى الْحَسَدِ وَاطِّلَاعَ الشَّرِّ يُفْضِي إلَى التَّعْيِيبِ وَالتَّفْضِيحِ وَفِي الْحَاشِيَةِ وَالتَّجَسُّسُ مَنْهِيٌّ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِظُلْمٍ فِي مَالِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ عِرْضِهِ فَيَجُوزُ التَّجَسُّسُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ وَالْخَلَاصِ مِنْ شَرِّهِ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْمُنْكَرُ الْخَفِيُّ إذَا حَصَلَ إلَى الْمُحْتَسِبِ ظَنٌّ بِهِ بِوَاسِطَةِ الْقَرَائِنِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى تَغْيِيرِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذَا النَّهْيِ «وَلَا تَنَافَسُوا» مِنْ الْمُنَافَسَةِ وَهِيَ الرَّغْبَةُ فِي الشَّيْءِ وَالِانْفِرَادُ بِهِ وَمِنْهُ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ أَيْ لَا تَرْغَبُوا فِيمَا رَغِبَ فِيهِ الْغَيْرُ مِنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا بَعْدَ دَلِيلِ الرِّضَا وَقِيلَ التَّنَافُسُ وَالتَّحَاسُدُ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَصْلِ «وَلَا تَحَاسَدُوا» بِزَوَالِ نِعْمَةِ الْغَيْرِ وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا» «وَلَا تَبَاغَضُوا» لَا يَبْغُضُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَوْ لَا تَسْتَعْمِلُوا مَا هُوَ سَبَبُ الْبُغْضِ بَيْنَكُمْ ( «وَلَا تَدَابَرُوا» أَيْ لَا تَعْمَلُوا بِمُقْتَضَى التَّبَاغُضِ مَأْخُوذٌ مِنْ الدُّبُرِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَاغِضَيْنِ يُوَلِّي دُبُرَهُ صَاحِبَهُ وَقِيلَ لَا تَغْتَابُوا قَالَ فِي الْعَارِضَةِ التَّدَابُرُ أَنْ يُوَلِّيَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ دُبُرَهُ مَحْسُوسًا بِالْأَبْدَانِ وَمَعْقُولًا بِالْعَقَائِدِ وَالْآرَاءِ وَالْأَقْوَالِ «وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ» بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَوْ خَبَرِ كَانَ «إخْوَانًا» حَصِّلُوا مَا تَكُونُ الْأُخُوَّةُ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَخِ فِي اللَّهِ أَوْ إنْ تَرَكْتُمْ مَا ذُكِرَ فَكُنْتُمْ إخْوَانًا وَإِلَّا فَأَعْدَاءً «كَمَا أَمَرَكُمْ» الْكَافُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَمَرَكُمُوهُ أَوْ بِهِ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» أَيْ يَجْمَعُهُمَا دِينٌ وَاحِدٌ وَالْأُخُوَّةُ الدِّينِيَّةُ أَعْظَمُ مِنْ الْخَارِجِيَّةِ «لَا يَظْلِمْهُ» كَأَنَّهُ بَيَانٌ أَوْ تَعْلِيلٌ لِلْأُخُوَّةِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْأَخِ عَدَمُ ظُلْمِ أَخِيهِ كَمَا يُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ آمَنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» قَالَ الْقَاضِي فَمَنْ لَمْ يُرَاعِ حُكْمَ اللَّهِ فِي ذِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَفِّ عَنْهُمْ لَمْ يَكْمُلْ إسْلَامُهُ قَالَ الْقَيْصَرِيُّ الْإِسْلَامُ مَقَامٌ عَظِيمٌ وَحَالٌ شَرِيفٌ مَنْ تَحَقَّقَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَحَالُهُ حَالُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْعُقْبَى وَمَعْنَاهُ الِانْقِيَادُ لِلْأَوَامِرِ وَتَرْكُ الِاسْتِعْصَاءِ لَهَا وَالْإِمْسَاكُ عَنْ إيذَاءِ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ وَنَفْعِ أَهْلِهِ وَكَفِّ الْأَذَى عَنْهُمْ كَذَا فِي الْفَيْضِ «وَلَا يَخْذُلْهُ» أَيْ لَا يَتْرُكُ النُّصْرَةَ وَالْإِعَانَةَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مُؤَاخَذَةِ الظَّالِمِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ نُصْرَتِهِ «وَلَا يُحَقِّرْ» أَيْ لَا يَرَاهُ حَقِيرًا فَلَا يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِ «التَّقْوَى هَاهُنَا» مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ «ثَلَاثًا» الظَّاهِرُ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «وَيُشِيرُ» - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ هَاهُنَا «إلَى صَدْرِهِ» أَيْ قَلْبِهِ فَإِذَا كَانَتْ التَّقْوَى فِي الصَّدْرِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُحَقِّرَ مُسْلِمًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا فِي قَلْبِهِ إلَّا بِعَلَامَةٍ ظَاهِرَةٍ كَتَرْكِ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ وَتَغَنِّي مَشَايِخِ زَمَانِنَا وَرَقْصِهِمْ أَيْضًا فَإِنَّهَا حَرَامٌ لَا يَقْبَلُ الصَّلَاحَ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ «بِحَسْبِ امْرِئٍ» أَيْ كَافِيهِ الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَالسِّينُ سَاكِنَةٌ وَأَنْ يُحَقِّرَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ بِحَسْبِ «مِنْ الشَّرِّ أَنْ يُحَقِّرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَكُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ» أَيْ إهْرَاقُ دَمِهِ كَمَا فِي حَدِيثٍ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» «وَ» هَتْكُ «عِرْضِهِ وَ» أَخْذُ «مَالِهِ» بِغَيْرِ حَقٍّ كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَالرِّبَا وَالْحِيلَةِ فِي التِّجَارَاتِ