مِنْ الْبِدْعَةِ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآفَةِ وَالنَّفْسُ مِنْ الشَّهْوَةِ وَالْقَلْبُ مِنْ الْمَنِيَّةِ أَوْ هِيَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى الدِّينِ وَمُصَاحَبَةُ الصَّالِحِينَ وَزِيَادَةُ الطَّاعَاتِ عَلَى مَمَرِّ السَّاعَاتِ أَوْ قَرَارُ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لَحْظَةً أَوْ نَفْسٌ بِلَا بَلَاءٍ وَرِزْقٌ بِلَا عَنَاءٍ وَعَمَلٌ بِلَا رِيَاءٍ أَوْ أَنْ لَا يَكِلَك اللَّهُ تَعَالَى إلَى غَيْرِهِ أَوْ دِينٌ قَوِيمٌ وَبَدَنٌ غَيْرُ سَقِيمٍ وَقَلْبٌ سَلِيمٌ وَالتَّوَكُّلُ عَلَى الرَّبِّ الْكَرِيمِ أَوْ الْخَتْمُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْبَعْثُ فِي زُمْرَةِ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَالْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ بِالسَّلَامَةِ ثُمَّ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَوْ هِيَ عَشْرٌ خَمْسٌ فِي الدُّنْيَا الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ وَالْإِخْلَاصُ وَالشُّكْرُ وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ بَيَاضُ الْوَجْهِ وَرُجْحَانُ الْمِيزَانِ بِالْحَسَنَاتِ وَالْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ وَالنَّجَاةُ مِنْ النِّيرَانِ وَالدُّخُولُ فِي الْجِنَانِ هَذِهِ أَقْوَالٌ فِي الْعَافِيَةِ وَحِينَ «سُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ قَالَ سَلُوا اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ» كَذَا نُقِلَ عَنْ الْخُلَاصَةِ (وَالثَّالِثُ) مِنْ فَوَائِدِ الْحِلْمِ (كَوْنُهُ قَرِينَ الْعِلْمِ وَمَأْمُورًا بِهِ) (سِنِي) ابْنُ السُّنِّيِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُطْلُبُوا الْعِلْمَ» الْأَمْرُ لِمُطْلَقِ الْوُجُوبِ عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً «وَاطْلُبُوا مَعَ الْعِلْمِ السَّكِينَةَ» قِيلَ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ وَالسَّكِينَةُ الْوَقَارُ «وَالْحِلْمَ لِيَنُوا» اجْعَلُوا أَخْلَاقَكُمْ لَيِّنَةً «لِمَنْ تُعَلِّمُونَ» مِنْ التَّلَامِذَةِ «وَلِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ» الْأَسَاتِذَةِ «وَلَا تَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الْعُلَمَاءِ» مِنْ التَّجَبُّرِ وَهُوَ التَّكَبُّرُ «فَيَغْلِبُ جَهْلُكُمْ حِلْمَكُمْ) » . وَالرَّابِعُ (رَفْعُ الدَّرَجَاتِ وَشَرَفُ الْبُنْيَانِ) فِي الْجِنَانِ (طب) الطَّبَرَانِيُّ (ز) الْبَزَّارُ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا أُنَبِّئُكُمْ» أُخْبِرُكُمْ «بِمَا يُشَرِّفُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْبُنْيَانَ» التَّفَعُّلُ لِلتَّصْيِيرِ أَيْ يُصَيِّرُهُ شَرِيفًا «وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَحْلُمُ» بِضَمٍّ «عَلَى مَنْ جَهِلَ» بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ غَضِبَ «عَلَيْك وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَك وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَك وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَك» كَمَا فِي حَدِيثِ «أَفْضَلُ الْفَضَائِلِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَك وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَك وَتَصْفَحُ عَمَّنْ ظَلَمَك» وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «أَلَا أُعَلِّمُك خَصْلَاتٍ يَنْفَعُك اللَّهُ بِهِنَّ عَلَيْك بِالْعِلْمِ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ وَالْعَمَلُ قَيِّمُهُ وَالرِّفْقُ أَبُوهُ وَاللِّينُ أَخُوهُ وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ إنَّمَا كَانَ الْحِلْمُ وَزِيرًا؛ لِأَنَّهُ سَعَةُ الصَّدْرِ وَطِيبُ النَّفْسِ فَإِذَا اتَّسَعَ الصَّدْرُ وَانْشَرَحَ بِالنُّورِ أَبْصَرَتْ النَّفْسُ رُشْدَهَا مِنْ غَيِّهَا وَعَوَاقِبَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَطَابَتْ وَإِنَّمَا تَطِيبُ النَّفْسُ بِسَعَةِ الصَّدْرِ وَإِنَّمَا يَتَّسِعُ بِوُلُوجِ النُّورِ الْإِلَهِيِّ فَإِذَا أَشْرَقَ نُورُ الْيَقِينِ ذَهَبَتْ الْحِيرَةُ وَزَالَتْ الْمَخَاوِفُ وَاسْتَرَاحَ الْقَلْبُ وَهِيَ صِفَةُ الْحِلْمِ فَهُوَ وَزِيرُ الْمُؤْمِنِ يُوَازِرُهُ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعِلْمُ فَإِذَا فُقِدَ الْحِلْمُ ضَاقَتْ النَّفْسُ وَانْفَرَدَتْ بِلَا وَزِيرٍ وَفِي حَدِيثٍ أَيْضًا «الْحَلِيمُ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» فَظَهَرَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ فَائِدَةَ الْحِلْمِ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ إذْ مِنْ فَوَائِدِهِ الْوِزَارَةُ وَالسِّيَادَةُ.
(الْمَقْصِدُ الثَّانِي)
مِنْ مَقَاصِدِ الْحِلْمِ (فِي فَوَائِدِ ثَمَرَاتِهِ) أَيْ نَتَائِجِ نَتِيجَتِهِ (أَعْنِي) بِهَا (اللِّينَ وَالرِّفْقَ) ضِدُّ الْعُنْفِ وَهُوَ لَطَافَةُ الْفِعْلِ وَلِينُ الْجَانِبِ (وَهِيَ) أَيْ الْفَوَائِدُ (خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ حُرْمَةُ النَّارِ عَلَيْهِ) فَمَنْ