كَانَ حَالُهُ الرِّفْقَ وَاللِّينَ فِي كُلِّ مَنْ يُصَاحِبُهُ فَيُحَرِّمُ عَلَيْهِ النَّارَ (ت عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ» - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قِيلَ عَنْ الْهَيْثَمِيِّ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ ضَعِيفٌ وَقِيلَ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ وَبِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ» لَا تَصِلُ النَّارُ إلَيْهِ «عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ» إلَى النَّاسِ فِي الْمَجَالِسِ وَالتَّلَطُّفِ وَالتَّوَاضُعِ ( «هَيِّنٍ» مِنْ الْهَوْنِ وَهُوَ السُّهُولَةُ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ «سَهْلٍ» يَقْضِي حَوَائِجَهُمْ وَيَخْدُمُهُمْ وَيَنْقَادُ لِلشَّرْعِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ يُدْخِلُ صَاحِبَهُ الْجَنَّةَ وَيُحَرِّمُهُ عَلَى النَّارِ فَإِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ سَهْلَ الْعَرِيكَةِ لَيِّنَ الْجَانِبِ طَلْقَ الْوَجْهِ قَلِيلَ النُّفُورِ طَيِّبَ الْكَلِمَةِ.
(وَالثَّانِي الْيُمْنُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ضِدُّ الشُّؤْمِ (طس) الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ (هق) الْبَيْهَقِيُّ (عَنْ عَائِشَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الرِّفْقُ يُمْنٌ» سَبَبٌ لِلْيُمْنِ وَالْيُمْنُ الْبَرَكَةُ «وَالْخُرْقُ» بِضَمٍّ فَسُكُونٍ «شُؤْمٌ» الْحُمْقُ وَالْجَهْلُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ قِلَّةُ التَّنَبُّهِ لِطَرِيقِ الْحَقِّ حُمْقٌ وَالْجَهْلُ بِالْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ خُرْقٌ بِأَنْ يَفْعَلَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ عَلَى غَيْرِ نِظَامٍ مَحْمُودٍ.
وَفِي الْجَامِعِ عَلَى رِوَايَةِ جَرِيرٍ الرِّفْقُ بِهِ الزِّيَادَةُ وَالْبَرَكَةُ وَمَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ وَفِيهِ أَيْضًا الرِّفْقُ فِي الْمَعِيشَةِ خَيْرٌ مِنْ بَعْضِ التِّجَارَةِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ رِفْقُهُ فِي مَعِيشَةٍ» وَفِيهِ أَيْضًا عَلَى رِوَايَةِ جَرِيرٍ الرِّفْقُ رَأْسُ الْحِكْمَةِ فَإِنَّ بِهِ تَنْتَظِمُ الْأُمُورُ وَيَصْلُحُ حَالُ الْجُمْهُورِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَتَدْرُونَ مَا الرِّفْقُ هُوَ أَنْ تَضَعَ الْأُمُورَ مَوَاضِعَهَا، الشِّدَّةَ فِي مَوْضِعِهَا، وَاللِّينَ فِي مَوْضِعِهِ، وَالسَّيْفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَالسَّوْطَ فِي مَوْضِعِهِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ الْأُمُورِ أُمُورٌ لَا يَصْلُحُ فِيهَا إلَّا الشِّدَّةُ كَالْجُرْحِ يُعَالَجُ فَإِذَا اُحْتِيجَ إلَى الْحَدِيدِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَا يُعْطُونَ بِالشِّدَّةِ شَيْئًا إلَّا أَعْطَوْا بِاللِّينِ أَفْضَلَ مِنْهُ قَالَ بَرْزُجُمَهْرٍ كُنْ شَدِيدًا بَعْدَ رِفْقٍ لَا رَفِيقًا بَعْدَ شِدَّةٍ؛ لِأَنَّ الشِّدَّةَ بَعْدَ الرِّفْقِ عِزٌّ وَالرِّفْقَ بَعْدَ الشِّدَّةِ ذُلٌّ (وَالثَّالِثُ عَدَمُ الْحِرْمَانِ عَنْ الْخَيْرِ) (د) أَبُو دَاوُد (عَنْ جَرِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ كُلَّهُ» أَيْ صَارَ مَحْرُومًا مِنْ الْخَيْرِ وَفِيهِ فَضْلُ الرِّفْقِ وَشَرَفُهُ وَمِنْ ثَمَّةَ قِيلَ الرِّفْقُ فِي الْأُمُورِ كَالْمِسْكِ فِي الْعُطُورِ.
(وَالرَّابِعُ زَيْنُ صَاحِبِهِ. وَالْخَامِسُ مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ) (م عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) قِيلَ فِيهِ مُوسَى بْنُ هَارُونَ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ كَذَا فِي الْفَيْضِ (إنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إلَّا زَانَهُ» مِنْ الزَّيْنِ أَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثِ «الرِّفْقُ يُمْنٌ وَالْخُرْقُ شُؤْمٌ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ بَابَ الرِّفْقِ» فَإِنَّ الرِّفْقَ إلَخْ كَمَا فِي الْجَامِعِ «وَلَا يُنْزَعُ عَنْ شَيْءٍ إلَّا شَانَهُ» مِنْ الشَّيْنِ ضِدُّ الزَّيْن، وَلِذَا كَثُرَ ثَنَاءُ الشَّرْعِ فِي جَانِبِ الرِّفْقِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَا الرِّفْقُ قَالَ أَنْ تَكُونَ ذَا أَنَاةٍ وَتَلَايُنٍ وَالْخَرَقُ مُعَادَاةٌ مَنْ أَمَامَك وَمُنَاوَأَةُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى ضُرِّك (وَفِي رِوَايَةٍ) عَنْهَا «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ» مِنْ الْأَجْرِ «مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ»