(عِنْدَ) تَحَقُّقِ (مُحَرِّكَاتِ الْغَضَبِ) أَيْ سَبَبِ حَرَكَةِ الْغَضَبِ مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ وَالْمُنْفَرِدَاتِ (وَعَدَمِ هَيَجَانِهِ إلَّا بِسَبَبٍ قَوِيٍّ وَتَمَكُّنٍ) مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الطُّمَأْنِينَةِ (دَفْعُهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْهَيَجَانِ (بِلَا تَعَبٍ) وَالتَّمَكُّنُ مَعَ التَّعَبِ لَيْسَ بِحِلْمٍ بَلْ تَحَلُّمٍ (وَيُثْمِرُ اللِّينَ وَالرِّفْقَ وَالتَّهَوُّرُ مَرَضٌ عَظِيمُ الضَّرَرِ) ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْجُبْنِ فَإِنَّهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ وَمِنْ أَعْظَمِ ضَرَرِ التَّهَوُّرِ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَوْذًا بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ (صَعْبُ الْعِلَاجِ فَلَا بُدَّ مِنْ شِدَّةِ الْمُجَاهَدَةِ وَالتَّشَمُّرِ وَالسَّعْيِ فِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْهُ.
(وَعِلَاجُهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ بِالْعِلْمِ) أَيْ الْعِلَاجُ الْعِلْمِيُّ (وَالْعَمَلِ) أَيْ الْعَمَلِيِّ (وَإِزَالَةِ السَّبَبِ) أَيْ الْعِلَاجُ بِإِزَالَةِ السَّبَبِ (وَتَحْصِيلِ الضِّدِّ فَلْنُبَيِّنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُقَامُ عَلَى حِدَةٍ. الْمَقَامُ الثَّانِي) مِنْ الْخَمْسَةِ لِلْغَضَبِ (فِي الْعِلَاجِ الْعِلْمِيِّ وَهُوَ نَافِعٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّهَوُّرِ (وَحِينَ الْهَيَجَانِ بِالتَّذَكُّرِ) بِنَفْسِهِ (أَوْ التَّذْكِيرِ) أَيْ تَذْكِيرِ الْغَيْرِ لَهُ آفَاتِ التَّهَوُّرِ وَفَوَائِدَ الْكَظْمِ (إنْ لَمْ يَشْتَدَّ جِدًّا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اشْتَدَّ فَلَا يُفِيدُ شَيْءٌ مِنْ التَّذَكُّرِ وَالتَّذْكِيرِ (بَلْ قَدْ يَضُرُّ وَيَكُونُ) لِغَلَبَةِ غَضَبِهِ وَشِدَّةِ لَهَبِهِ (كَالْوَقُودِ) يَزِيدُ تَلَهُّبَ النَّارِ لِيَسْتُرَ الْعَقْلَ بِدُخَانِهِ الْمُظْلِمِ فَإِنَّ مَعْدِنَ الْفِكْرِ الدِّمَاغُ وَيَتَصَاعَدُ عِنْدَ شِدَّةِ الْغَضَبِ مِنْ غَلَيَانِ دَمِ الْقَلْبِ دُخَانُ الدِّمَاغِ الْمُظْلِمِ فَيَسْتَوْلِي عَلَى مَعَادِنِ الْفِكْرِ وَرُبَّمَا يَتَعَدَّى عَلَى مَعَادِنِ الْحِسِّ فَيُظْلِمُ عَيْنَهُ حَتَّى لَا يَرَى شَيْئًا وَتَسْوَدُّ عَلَيْهِ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا (وَهُوَ) أَيْ الْعِلَاجُ الْعِلْمِيُّ (مَعْرِفَةُ آفَاتِهِ) آفَاتِ التَّهَوُّرِ (وَفَوَائِدِ كَظْمِ الْغَيْظِ) مَعَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ.
(أَمَّا آفَاتُهُ) أَيْ التَّهَوُّرِ (فَأَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ إفْسَادُ رَأْسِ الطَّاعَاتِ) وَهُوَ الْإِيمَانُ (هق) الْبَيْهَقِيُّ (طك) وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (عَنْ بَهْزٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ (ابْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الْغَضَبُ» أَيْ التَّهَوُّرُ «يُفْسِدُ الْإِيمَانَ» أَيْ شَأْنُهُ إفْسَادُ الْإِيمَانِ «كَمَا يُفْسِدُ الصَّبِرُ» بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الدَّوَاءُ الْمُرُّ نَبْتٌ يُرَادُ عِنْدَ إطْلَاقِ عُصَارَتِهِ «الْعَسَلَ» الْمُرَادُ الْغَضَبُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي) شَرْعًا أَوْ عَقْلًا (أَوْ صُدُورُهُ فِيمَا يَنْبَغِي) مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَشْرُوعِ بِهَا (أَكْثَرَ أَوْ أَشَدَّ مِمَّا يَنْبَغِي فَهُوَ) أَيْ الْغَضَبُ الْمَوْصُوفُ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ (التَّهَوُّرُ وَكَثِيرًا مَا يُطْلَقُ الْغَضَبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّهَوُّرِ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ (لَا) عَلَى (أَصْلِ الْغَضَبِ) الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ غَلَيَانِ دَمِ الْقَلْبِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (لِمَا مَرَّ أَنَّهُ) أَيْ أَصْلَهُ (أَمْرٌ لَازِمٌ) قِيلَ فَمِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ (وَقَدْ صَدَرَ) أَيْ هَذَا الْغَضَبُ (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِرَارًا عِنْدَ مَحَلِّهِ) وَهُوَ الْغَضَبُ عِنْدَ