بِالنَّوَافِلِ فَبِدَلَالَةِ شَوَاهِدِ الشَّرْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَلِّمُ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَرَفْعُ هَذَا الْقَيْدِ لَازِمٌ أَيْضًا فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْقَارِئِ لِلثَّوَابِ دُونَ قِرَاءَتِهِ لِلتَّعَلُّمِ لَعَلَّ ذَلِكَ لِلْأَتْعَابِ أَوْ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لِقِرَاءَتِهِ بَعْدَهُ لِلثَّوَابِ أَوْ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي هُوَ الْمُتَعَدِّي فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مُجَازَاةِ فَضْلِ مُعَلِّمٍ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَوْ بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْمُقَايَسَةِ «وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا» نَوْعًا «مِنْ الْعِلْمِ» ، وَفِي إيثَارِ لَفْظِ النَّوْعِ إشَارَةٌ إلَى الْكَثْرَةِ الشَّخْصِيَّةِ وَقِيلَ: إشَارَةٌ إلَى لُزُومِ جَمِيعِ لَوَازِمِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَشَرَائِطِهَا كَمَسْأَلَةِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِجَمِيعِ شَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا بِتَفَاصِيلِ أَبْحَاثِهَا صِحَّةً وَفَسَادًا، لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ.
«عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ» يَعْنِي سَوَاءٌ مِمَّا عَمِلَ هُوَ أَوْ مِمَّا لَمْ يَعْمَلْ كَتَعَلُّمِ الْفَقِيرِ مَسَائِلَ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالرَّجُلِ مَسَائِلَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ أَوْ الصِّيغَتَانِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْغَيْرِ أَوْ كَانَ الْعِلْمُ مِنْ الْفَضَائِلِ، وَالنَّوَافِلِ وَلَمْ يَعْمَلْ الْمُتَعَلِّمُ بِهِ أَوْ يَعْمَلْ وَلَمْ يَسْتَدِمْ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ أَوْقَاتَهُ بِإِتْيَانِ تِلْكَ النَّوَافِلِ «خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ» لِكَوْنِهَا عِبَادَةً مُتَعَدِّيَةً وَتِلْكَ قَاصِرَةٌ وَإِنَّ التَّعَلُّمَ اسْتِحْصَالُ وِرَاثَةِ النُّبُوَّةِ وَاسْتِحْفَاظُ أَسْرَارِ شَرِيعَةِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ حِكْمَةُ إنْزَالِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ وَمَصْلَحَةُ إرْسَالِ الرُّسُلِ الرَّبَّانِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي يَدُومُ بِالِاسْتِقَامَةِ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ بَقَاءُ الدُّنْيَا كَمَا أُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ اسْتَقَامَتْ أُمَّتِي فَلَهَا يَوْمٌ وَإِنْ لَمْ تَسْتَقِمْ فَلَهَا نِصْفُ يَوْمٍ» لَا يَخْفَى مَا فِي وُضُوحِ الدَّلَالَةِ عَلَى شَرَفِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ عَلَى الْعَمَلِ.
وَقِيلَ هَذَا مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ الْمُخَاطَبِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ لِلْعِلْمِ، لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ خِطَابَ الرَّسُولِ لِلْوَاحِدِ خِطَابٌ لِلْجَمَاعَةِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً أَوْ مُقَايَسَةً وَأَنَّ أَبَا ذَرٍّ مِنْ أَعْيَانِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ خَامِسٌ فِي الْإِسْلَامِ وَمِنْ زُهَّادِهِمْ.
وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حِينَ سُئِلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ وَعَى عِلْمًا عَجَزَ عَنْهُ النَّاسُ ثُمَّ أَوْكَأَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِنْهُ وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَصْدَقُكُمْ أَبُو ذَرٍّ» .
«وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَوْصَانِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسِتٍّ: حُبِّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ أَنْظُرَ إلَى مَا هُوَ تَحْتِي وَلَا أَنْظُرَ إلَى مَا هُوَ فَوْقِي، وَأَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَنْ لَا تَأْخُذَنِي فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ» .
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مَا انْبَسَطْتُمْ إلَى نِسَائِكُمْ وَلَا تَقَارَرْتُمْ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَاَللَّهِ لَوَدِدْت أَنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي يَوْمَ خَلَقَنِي شَجَرَةً تُعْضَدُ، وَيُؤْكَلُ ثَمَرُهَا، وَقِيلَ لَهُ اتَّخَذَ ضَيْعَةً كَفُلَانٍ وَفُلَانٍ قَالَ وَمَا أَصْنَعُ أَنْ أَكُونَ أَمِيرًا وَإِنَّمَا يَكْفِينِي كُلَّ يَوْمٍ شَرْبَةَ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ، وَفِي الْجُمُعَةِ قَفِيزًا مِنْ قَمْحٍ، وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى فَضْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا فِي التتارخانية «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» .
«الْإِيمَانُ عُرْيَانٌ فَلِبَاسُهُ التَّقْوَى وَزِينَتُهُ الْحَيَاءُ وَثَمَرَتُهُ الْعِلْمُ» .
«مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ فِقْهٍ فِي دِينٍ وَفَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ عِمَادٌ وَعِمَادُ هَذَا الدِّينِ الْفِقْهُ» .
«خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْفِقْهُ» .
«مَوْتُ قَبِيلَةٍ أَيْسَرُ مِنْ مَوْتِ عَالِمٍ» .
«مَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِ اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» .
«الْعَالِمُ أَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» .
«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنْ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إلَى الْعُلَمَاءِ، وَالْمُتَعَلِّمِينَ» .
«خَمْسٌ مِنْ النَّظَرِ عِبَادَةٌ: النَّظَرُ إلَى الْأَبَوَيْنِ عِبَادَةٌ، وَالنَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ عِبَادَةٌ، وَالنَّظَرُ إلَى الْكَعْبَةِ عِبَادَةٌ، وَالنَّظَرُ فِي زَمْزَمَ عِبَادَةٌ يَحُطُّ الْخَطَايَا حَطًّا، وَالنَّظَرُ إلَى الْعَالِمِ عِبَادَةٌ» . «وَمَنْ أَحَبَّ الْعِلْمَ، وَالْعُلَمَاءَ لَا تُكْتَبُ خَطِيئَةُ أَيَّامِ حَيَاتِهِ» ، «يَبْعَثُ اللَّهُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُمَيِّزُ الْعُلَمَاءَ فَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ إنِّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ عِلْمِي إلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ فَلَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ لِأُعَذِّبَكُمْ انْطَلِقُوا فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ» ، «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تُحَقِّرُوا عَبْدًا أَنِّي آتَيْته عِلْمًا فَإِنِّي لَمْ أُحَقِّرْهُ حِينَ عَلَّمْته» ، «جُلُوسُ سَاعَةٍ عِنْدَ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ تَطَوُّعًا وَخَيْرٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ وَخَيْرٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ فَرَسٍ يَغْزُو بِهَا الْمُؤْمِنُ» . «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْ بِهِمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» .
«طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» ، «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ» .
«مَا آتَى اللَّهُ عَالِمًا عِلْمًا إلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ