وَنَحْوِهَا مُمْتَازًا عَنْ أَحْكَامِ أَفْرَادِ النَّاسِ «، وَالْآخِرَةِ» بِالْعَفْوِ وَبِالْمَغْفِرَةِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَالْمَقَامِ الْعَلِيِّ فِي الْجَنَّةِ بَلْ مَقَامِ الْحَشْرِ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ» فِي الْعِلْمِ الزَّاجِرِ لَا مُطْلَقِ الْعِلْمِ لَكِنْ بِالنِّيَّةِ الْمَحْمُودَةِ «يَعْدِلُ الصِّيَامَ» جَمْعُ صَوْمٍ يَعْنِي صَوْمًا كَثِيرًا الظَّاهِرُ أَنَّ قَلِيلَ التَّفَكُّرِ يَعْدِلُ كَثِيرَ الصَّوْمِ «وَمُدَارَسَتُهُ» قِرَاءَتُهُ عَلَى الْمَشَايِخِ «تَعْدِلُ الْقِيَامَ» قِيَامَ اللَّيَالِي بِالتَّهَجُّدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْفَضَائِلِ صَلَاةُ اللَّيْلِ. فَإِنْ قِيلَ قُرِّرَ فِي الْفِقْهِيَّةِ وَجَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَرْجِيحُ الْعِلْمِ وَأَفْضَلِيَّتِهِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَالْمُعَادَلَةُ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ. قُلْنَا إمَّا الْمُرَادُ أَنَّ قَلِيلَ ذَلِكَ مُعَادِلٌ لِكَثِيرٍ مِنْ ذَاكَ كَمَا أُشِيرَ أَوْ أَنَّ ذَاكَ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ زَادَ فَضْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذِهِ أَوْ أَعْمَالٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ الْعَوَامّ، وَالْخَوَاصِّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَاخْتِلَافِ عُلُومِهِمْ وَطَاعَاتِهِمْ «بِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ» بِأَدَاءِ حُقُوقِهِمْ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، وَالزِّيَادَةِ وَأَدَاءِ الْحَاجَاتِ وَسَائِرِ الْإِحْسَانِ الْفَاضِلَةِ إذْ كُلُّ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ مِنْ الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ وَقُوَّةِ أَثَرِهِ مِنْ الثَّوَابِ، وَالْمَرْحَمَةِ إنَّمَا يُعْلَمُ بِالْعِلْمِ «وَبِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ، وَالْحَرَامُ» تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلْحَصْرِ، وَفِيهِ قَصْرُ مَعْرِفَةِ الْحِلِّ، وَالْحُرْمَةِ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ دُونَ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ الَّتِي سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ مِنْ ادِّعَاءِ الْأَخْذِ عَنْ النَّبِيِّ أَوْ عَنْ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةِ شَيْءٍ وَلَا مُرَاجَعَةِ كِتَابٍ بَلْ نَبِيٍّ «وَهُوَ» أَيْ الْعِلْمُ «إمَامُ الْعَمَلِ» لِتَبَعِيَّةِ الْعَمَلِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ قَوْلُهُ «، وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ» ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ عَلَى فَضْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعَمَلِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ الشَّهَادَةُ فَتَدَبَّرْ.
«يُلْهَمُهُ» بِالْمَفْعُولِ أَيْ يُلْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى حُذِفَ الْفَاعِلُ لِلتَّعَيُّنِ «السُّعَدَاءُ» مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الْحُسْنَى مِنْ اللَّهِ تَعَالَى «وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءُ» يَعْنِي مَنْ لَمْ يُرْزَقْ الْعِلْمَ فَمِنْ الْأَشْقِيَاءِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الْكَلِمَةُ الْأَزَلِيَّةُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ (مج) ابْنُ مَاجَهْ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَبَا ذَرٍّ لَأَنْ تَغْدُوَ» وَاَللَّهِ لَأَنْ تَغْدُوَ خَرَجَ الْكَلَامُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ اقْتَضَى كَمَالَ الْعِنَايَةِ بِمُوجِبِ الْحُكْمِ لِقُوَّةِ الْفَضْلِ وَزِيَادَةِ الشَّرَفِ أَوْ لِلتَّحْرِيضِ عَلَى مُسَارَعَتِهِ أَيْ تَذْهَبُ فِي وَقْتِ الْغُدْوَةِ بِالضَّمِّ الْبَكْرَةِ أَوْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ كَالْغَدَاةِ قِيلَ تَخْصِيصُهُ بِهَذَا الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْأَوْقَاتِ، وَمَحَلُّ نُزُولِ الْبَرَكَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِتَقْدِيمِهِ عَلَى سَائِرِ أُمُورِهِ وَلِدَلَالَتِهِ عَلَى شَوْقِهِ، وَحِرْصِهِ «فَتَعَلَّمَ» أَيْ تَتَعَلَّمَ «آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ» .
فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْأَتْعَابِ، وَالتَّكَلُّفِ فِي تَحْصِيلِهِ وَيُنَاسِبُهُ عِظَمُ هَذَا الْأَجْرِ عَلَى وَفْقِ أَجْرِكُمْ بِقَدْرِ تَعَبِكُمْ فَفِيهِ تَسْلِيَةٌ لِمَنْ أَتْعَبَ فِي تَحْصِيلِهِ وَتَحْرِيضٌ وَتَرْغِيبٌ عَلَى الْكَدِّ، وَالْمِحَنِ فِي حُصُولِهِ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمَعْنَى مُتَّحِدٌ. ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً وَمِنْ الْوَاحِدَةِ الْمَعْهُودَةِ الْمُتَعَارَفَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ طَائِفَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ مَا دُونَ آيَةٍ وَأَنْ يَكُونَ لِتَحْصِيلِهِ أَصْلَ قِرَاءَتِهِ أَوْ لِتَرْتِيلِهِ أَوْ تَجْوِيدِهِ وَوُجُوهِ قِرَاءَتِهِ وَلِتَحْصِيلِ مَعَانِيه اللُّغَوِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالشَّرْعِيَّةِ الْمُرَادِيَةِ فَإِذَا كَانَ حَالُ الْوَاحِدَةِ كَذَلِكَ فَحَالُ مَا فَوْقَ ذَلِكَ عَلَى مُقَاسَاةِ مَا ذُكِرَ كَذَلِكَ «خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ مِنْ النَّوَافِلِ» الظَّاهِرُ أَيُّ نَافِلَةٍ كَانَتْ وَلَوْ صَلَاةَ تَهَجُّدٍ بَلْ صَلَاةَ تَسْبِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَالتَّخْصِيصُ بِلَا مُخَصِّصٍ خِلَافُ الْأَصْلِ وَأَمَّا التَّقْيِيدُ