الدُّنْيَا وَأَقْبَلُوا عَلَى الْآخِرَةِ وَكَانُوا بَدَلًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فَازُوا بِالْحُسْنَيَيْنِ الْعِلْمِ، وَالْعَمَلِ وَحَازُوا الْفَضِيلَتَيْنِ الْكَمَالَ، وَالتَّكْمِيلَ وَهُوَ الْمِيرَاثُ الْأَكْبَرُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ إنَّمَا يُوَرَّثُونَ مِيرَاثَ الدُّنْيَا، وَالرُّسُلُ إنَّمَا يُوَرِّثُونَ وَرَثَتَهُمْ الْحِكَمَ الرَّبَّانِيَّةَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا رُتْبَةَ فَوْقَ رُتْبَةِ النُّبُوَّةِ فَلَا شَرَفَ فَوْقَ شَرَفِ وَارِثِ تِلْكَ الرُّتْبَةِ.

وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «الْعُلَمَاءُ مَصَابِيحُ الْأَرْضِ وَخُلَفَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَوَرَثَتِي وَوَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» .

قَالَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ الْكَشَّافِ لِمُدَانَاتِهِمْ لَهُمْ فِي الشَّرَفِ، وَالْمَنْزِلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَلْقُوا بِمَا بُعِثُوا مِنْ أَجْلِهِ.

وَعَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ أَحْوَالُهُمْ الْكِتْمَانُ لَوْ قُطِّعُوا إرْبًا إرْبًا مَا عُرِفَ مَا عِنْدَهُمْ. ثُمَّ قَالَ

(فَائِدَةٌ) سُئِلَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ عَمَّا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ حَدِيثِ: «عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ» فَقَالَ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا اسْتِنَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَيُغْنِي عَنْهُ «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْتَهَى لَعَلَّ مَعْنَى يُغْنِي يُنَافِي إذْ الْخُصُوصُ يُنَافِي الْعُمُومَ وَيَحْتَمِلُ يُغْنِي يَعْنِي لَا يُبْقِي حَاجَةً لِقُرْبِ مَضْمُونِهِ مِنْهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ فَحِينَئِذٍ يَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْمَعْنَى.

وَقَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ عَنْ الدَّمِيرِيِّ، وَالْعَسْقَلَانِيِّ، وَالزَّرْكَشِيِّ لَا أَصْلَ لَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ السُّيُوطِيّ فَمَا فِي نَحْوِ شَرْحِ الشِّرْعَةِ مِنْ تَصْحِيحِهِ بِالرُّؤْيَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ إذْ غَايَتُهُ الْإِلْهَامُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فِي إفَادَةِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَعْرِفَةِ سِيَّمَا وَقَعَ تَصْرِيحٌ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ «إنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ» أَيْ تَعَلَّمَهُ «فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ» نَصِيبٍ «وَافِرٍ» كَثِيرٍ زَائِدٍ فِي الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ الدُّنْيَا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهَا لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْفَضَائِلِ، وَالْكَمَالَاتِ النَّفِيسَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ الشَّيْءُ إلَى الْوَارِثِ إلَّا بِالصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْرُوثِ.

عَنْ الْغَزَالِيِّ: الْعَالِمُ لَا يَكُونُ وَارِثًا لِنَبِيِّهِ إلَّا إذَا اطَّلَعَ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِي الشَّرِيعَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَّا دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْوَارِثِ، وَالْمَوْرُوثِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ (طب) طَبَرَانِيٌّ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْفِقْهُ» الْمُصْطَلَحُ الْمُعَرَّفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ بِمَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا وَعِنْدَ بَعْضٍ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ فَيَدْخُلُ جَمِيعُ مَبَادِئِ الْفِقْهِ الَّتِي عُدَّتْ مِنْ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ «وَأَفْضَلُ الدِّينِ» الْإِسْلَامُ وَهُوَ وَضْعٌ إلَهِيٌّ سَائِقٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودَ إلَى الْخَيْرِ بِالذَّاتِ وَيَتَنَاوَلُ الِاعْتِقَادِيَّاتِ، وَالْعَمَلِيَّاتِ، وَقَدْ يُخَصُّ بِالْفُرُوعِ لَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا هَذَا الْمَخْصُوصُ ( «الْوَرَعُ» تَرْكُ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ وَيُفَسَّرُ بِتَرْكِ الشُّبُهَاتِ (طط) طَبَرَانِيٌّ فِي الْأَوْسَطِ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015