- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «قَلِيلُ الْعِلْمِ» الشَّرْعِيِّ الْمَقْرُونِ بِالْعَمَلِ «خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعِبَادَةِ» فَإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ صَاحِبُ فَضِيلَتَيْنِ، وَالْعَامِلَ صَاحِبُ فَضِيلَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّ الْعِلْمَ مُتَعَدٍّ، وَالْعَمَلَ قَاصِرٌ وَإِنَّ الْعِبَادَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ لَا تَخْلُو عَنْ قُصُورٍ وَخَلَلٍ وَإِنَّ عِبَادَةَ الْعَالِمِ مَعَ تَيَقُّنِ مَنَافِعِهَا وَتَحَقُّقِ غَايَتِهَا وَلِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمُصَحِّحُ لِلْعِبَادَةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «قَلِيلُ الْفِقْهِ» وَفِي أُخْرَى «قَلِيلُ التَّوْفِيقِ» .

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «قَلِيلُ الْعَمَلِ يَنْفَعُ مَعَ الْعِلْمِ وَكَثِيرُ الْعَمَلِ لَا يَنْفَعُ مَعَ الْجَهْلِ» فَبِهَذَا الْحَدِيثِ يُعْلَمُ عِلَّةُ حُكْمِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا (طط) طَبَرَانِيٌّ فِي الْأَوْسَطِ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ» لِرِضَاهُ تَعَالَى إمَّا لِلتَّعْلِيمِ أَوْ الْعَمَلِ «لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ إلَّا دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ» ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْأُمَّةِ أَنْ تَبْلُغَ دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا وَهْبِيَّةٌ إلَهِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ حُصُولُهَا بِالْكَسْبِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ نَبِيًّا وَاحِدًا أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ (طك) الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (عَنْ ثَعْلَبَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْعُلَمَاءِ» الَّذِينَ مَشَوْا عَلَى مُوجِبِ عُلُومِهِمْ وَرَاعَوْا حُقُوقَهُ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا قَعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ» الَّذِي وَسِعَ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضَ بِلَا كَيْفِيَّةِ لَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ لَعَلَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ إظْهَارِ كَمَالِ عَظَمَتِهِ وَجَبَرُوتِهِ «لِفَصْلِ عِبَادِهِ» لَعَلَّ ذَلِكَ وَقْتَ الْمُحَاسَبَةِ وَوَضْعِ مِيزَانِ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ «إنِّي لَمْ أَجْعَلْ عِلْمِي» الْإِضَافَةُ لِتَعْظِيمِ الْمُضَافِ «وَحِلْمِي» أَيْ تَخَلُّفَكُمْ بِأَخْلَاقِي كَمَا وَرَدَ «تَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ اللَّهِ» .

وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مِائَةَ خُلُقٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ خُلُقًا مَنْ أَتَاهُ بِخُلُقٍ مِنْهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» «فِيكُمْ إلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْفِرَ لَكُمْ» جَمِيعَ ذُنُوبِكُمْ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ لِلتَّعْمِيمِ الظَّاهِرِ فِي مِثْلِ الصَّغَائِرِ «وَلَا أُبَالِي» لِقُوَّةِ شَرَفِ الْعِلْمِ يَعْنِي لَا أَجْعَلُ فِي جَوْفِهِ الْعِلْمَ إلَّا لَأَنْ أَغْفِرَ لَهُ. قِيلَ فِي إضَافَةِ الْعِلْمِ، وَالْحِلْمِ إلَيْهِ تَعَالَى إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الشَّرَفَ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ بِهِ وَإِلَّا لَا يُنْسَبَانِ إلَيْهِ تَعَالَى.

وَعَنْ الْمُنْذِرِيِّ لِيَنْظُرَ هَذِهِ الْإِضَافَةُ وَلَا يُغْتَرَّ بِظَاهِرِ الْإِضَافَةِ.

وَعَنْ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ أَمْعِنْ هَذِهِ الْإِضَافَةَ أَنَّهُ لَيْسَ الْعِلْمُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْعَمَلِ، وَالْإِخْلَاصِ (صف) الْأَصْفَهَانِيُّ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُجَاءُ» مُضَارِعٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015