صَاحِبُ الْمَوَاقِفِ آنِفًا كَمَا يَرُدُّ عَلَى مَسْلَكِ صَاحِبِ الْمَوَاقِفِ مِنْ كَوْنِ النَّظْمِ كَلَامًا قَائِمًا بِذَاتِهِ تَعَالَى قِيَامَ الْأَعْرَاضِ السَّيَّالَةِ بِهِ تَعَالَى

وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُتَرَتِّبٍ وَالتَّرْتِيبُ فِينَا لِقُصُورِ الْأَدِلَّةِ قِيلَ: هُوَ سَفْسَطَةٌ وَلِهَذَا قَالَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ: الْكَلَامُ لَيْسَ كُلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَذَاهِبِ بَلْ هُوَ كَلِمَاتٌ رَتَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي عِلْمِهِ الْأَزَلِيِّ بِصِفَتِهِ الْأَزَلِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَبْدَأُ التَّأْلِيفِ وَالتَّرْتِيبِ فَالْكَلِمَاتُ لَا تَعَاقُبَ لَهَا فِي الْوُجُودِ الْعِلْمِيِّ بَلْ التَّعَاقُبُ إنَّمَا هُوَ فِي الْخَارِجِ الَّذِي هُوَ كَلَامٌ لَفْظِيٌّ ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْوَجْهُ سَالِمٌ مِمَّا لَزِمَ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْمَنْقُولَةِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ كَوْنَ الْكَلَامِ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ لَفْظًا حَادِثًا اعْتِرَافٌ بِحُدُوثِهِ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُفِيدُ قِدَمُهُ فِي الْوُجُودِ الْعِلْمِيِّ إذْ جَمِيعُ الْحَوَادِثِ قَدِيمٌ فِي الْوُجُودِ الْعِلْمِيِّ وَأَنَّ الْعِلْمَ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ وَالْمَعْلُومُ هُوَ الْوُجُودُ الْخَارِجِيُّ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قِدَمُ الْعِلْمِ مَعَ حُدُوثِ الْمَعْلُومِ وَالْجَوَابُ فِي سَائِرِ الْمَعْلُومَاتِ الْحَادِثَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا

وَبِالْجُمْلَةِ الْمَذَاهِبُ فِينَا ثَلَاثَةٌ: الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لَا اللَّفْظِيُّ لِقُدَمَاءِ الْأَشَاعِرَةِ وَاللَّفْظُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا لِصَاحِبِ الْمَوَاقِفِ وَالْكَلِمَاتُ الْمُرَتَّبَةُ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى الَّتِي هِيَ مَبْدَأُ التَّأْلِيفِ وَالتَّرْتِيبِ لِلدَّوَّانِيِّ لَعَلَّ الْأَقْرَبَ مَا قَرَّرَ بِهِ شَارِحُ الْمَوَاقِفِ آنِفًا فَتَأَمَّلْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ لَمَّا صَرَّحَ بِأَزَلِيَّةِ الْكَلَامِ حَاوَلَ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ أَيْضًا قَدْ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَدِيمِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى النَّظْمِ الْمَتْلُوِّ الْحَادِثِ فَقَالَ (وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقٍ) فِي إتْيَانِ لَفْظِ كَلَامِ اللَّهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِئَلَّا يَسْبِقَ إلَى الْفَهْمِ قِدَمُ الْمُؤَلَّفِ مِنْ الْأَصْوَاتِ وَلَمْ يَقُلْ غَيْرُ حَادِثٍ تَنْبِيهًا عَلَى اتِّحَادِهِمَا وَقَصْدًا إلَى جَرْيِ الْكَلَامِ عَلَى وَفْقِ حَدِيثِ «الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ» إلَى آخِرِ مَا قَالَ لَكِنْ قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ فِي مَوْضُوعَاتِهِ عَنْ الصَّاغَانِيِّ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ.

وَعَنْ السَّخَاوِيِّ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ بَاطِلٌ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ

وَأَمَّا حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ فِيمَنْ قَالَ: إنَّهُ مَخْلُوقٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَنْ شَبَابَةَ وَعَنْ ابْنِ مَرْيَمَ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَافِرٌ وَعَنْ مَالِكٍ يُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ زِنْدِيقٌ وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كَافِرٌ وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ وَعَنْ وَكِيعٍ يُسْتَتَابُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ يُضْرَبُ عُنُقُهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تَنَاظَرَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُمَا عَلَى الْكُفْرِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْأُصُولِ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّتْمِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ ضَالٌّ وَمُبْتَدِعٌ لَا كَافِرٌ

(وَرُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى) فِي الْيَقَظَةِ (بِالْأَبْصَارِ) جَمْعُ بَصَرٍ وَهُوَ حِسُّ الْعَيْنِ وَمِنْ الْقَلْبِ نَظَرُهُ وَخَاطِرُهُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ بِمَعْنَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015