كَوْنُهُمْ سَبَبًا لِلْأَكْلِ بِالدِّينِ وَابْتِذَالِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَوْضَاعِهِمْ، وَالتَّفْصِيلُ فِي الْإِنْقَاذِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَقُولُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا سَبَقَ مِنْ النُّقُولِ وَلْيُوَفَّقْ أَوْ لِيُرَجَّحْ
(وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِاتِّخَاذِ الطَّعَامِ وَالضِّيَافَةِ يَوْمَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ) قِيلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ الطَّعَامُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِيَّةِ: إذَا أَوْصَى بِأَنْ يَتَّخِذُوا طَعَامًا بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعِمُونَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ انْتَهَى
وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ إلَى أَهْلِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلِ عِنْدَهُمْ قَالَ حَمْلُهُ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي تَجْتَمِعُ النَّائِحَاتُ فَإِطْعَامُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَعَنْ الْقُنْيَةِ: وَفِي زَمَانِنَا تَتَعَارَفُ الْوَصِيَّةُ بِالطَّعَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْغَنِيِّ أَوْ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْمُوصِي تَبَعًا لِلْعُرْفِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْمَصْرِفَ، وَعَنْ الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ أَوْصَى بِاتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ، وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا تَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ
وَفِي التتارخانية فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ: إذَا قَالَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ: أَعْطِ الْوَصِيَّةَ مَنْ شِئْت صَحَّتْ وَيُعْطِيهَا مَنْ شَاءَ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ
(وَبِإِعْطَاءِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لِمَنْ يَتْلُو الْقُرْآنَ لِرُوحِهِ أَوْ يُسَبِّحُ لَهُ أَوْ يُهَلِّلُ) وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ أَوْصَى لِقَارِئِ الْقُرْآنِ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِهِ بِشَيْءٍ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ قِيلَ عَنْ هَوَامِشِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ لَا مَعْنَى لِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَلَا لِصِلَةِ الْقَارِئِ بِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ، وَالْإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ بَاطِلَةٌ، وَهُوَ بِدْعَةٌ لَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ انْتَهَى (أَوْ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَ قَبْرِهِ رِجَالٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ) فِي الْجَلَاءِ فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ وَسَبَبٌ لِأُمُورٍ مَكْرُوهَةٍ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عِنْدَ الْقَبْرِ (أَوْ بِأَنْ يُبْنَى عَلَى قَبْرِهِ بِنَاءٌ) عَنْ الْخُلَاصَةِ، وَفِي النَّوَازِلِ الْوَصِيَّةُ بِتَطْيِينِ الْقَبْرِ وَأَنْ يُضْرَبَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ بَاطِلَةٌ، وَعَنْ السِّرَاجِيَّةِ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فُلَانٌ، أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدِ كَذَا، وَيُكَفَّنَ فِي ثَوْبِ كَذَا، أَوْ يُطَيَّنَ قَبْرُهُ أَوْ يُضْرَبَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ، أَوْ يُدْفَعَ إلَى إنْسَانٍ شَيْءٌ لِيَقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ (وَكُلُّ هَذِهِ بِدَعٌ مُنْكَرَاتٌ وَالْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَانِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمَا حَرَامٌ لِلْآخِذِ وَهُوَ عَاصٍ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ لِأَجْلِ الدُّنْيَا) ؛ لِأَنَّهُ رِيَاءٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدٌ وَلَا شَرْطٌ فَقَرَأَ لِرُوحِ الْمَيِّتِ لِمَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَعْطَاهُ قَرِيبُ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ