بِنُورِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَيُدْرِكُ بِالْفِرَاسَةِ قَالَ: مَا أَكَلْت طَعَامًا حَرَامًا قَطُّ فَإِنَّهُ مَا قُدِّمَ إلَيَّ إلَّا، وَقَدْ شَهِدْت بِحِلِّهِ (وَفِي بُسْتَانِ الْعَارِفِينَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْ السُّلْطَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ الْحَرَامِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ) مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ الْحَلَالِ لِكَوْنِ مَا فِي يَدِهِ حَرَامًا فِي الْعَادَةِ (أَمَّا مَنْ أَجَازَهُ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ إنَّ السُّلْطَانَ) الْجَائِرَ (يُصِيبُ مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَمَا أَعْطَاك فَخُذْ فَإِنَّمَا يُعْطِي مِنْ الْحَلَالِ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْخَلْطِ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَرَوَى عُمَرُ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَلْيَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى» فِي الْحَاشِيَةِ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ شَيْئًا نَكِرَةٌ تَعُمُّ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي هُوَ مُتَيَقِّنُ الْحُرْمَةِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ فَإِذَا خَصَّ الْبَعْضَ يَكُونُ ظَنِّيَّ الدَّلَالَةِ فِي الْبَاقِي انْتَهَى

لَا يَخْفَى أَنَّ النَّكِرَةَ فِي الْإِثْبَاتِ لَيْسَ لَهَا عُمُومٌ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْمُخَصِّصَ هُوَ الْعَقْلُ كَتَخْصِيصِ الْعَقْلِ الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ مِنْ خِطَابَاتِ الشَّرْعِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ هَذَا التَّخْصِيصَ مِنْ قَبِيلِ مَعْلُومِيَّةِ الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ فَحِينَئِذٍ قَطْعِيٌّ فِي الْبَاقِي وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمَطْلَبُ ظَنِّيٌّ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ (وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْأَخْذِ مِنْ الْأُمَرَاءِ) مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحُرْمَةَ (وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت هَدَايَا الْمُخْتَارِ) هُوَ مَلِكٌ مَشْهُورٌ بِالظُّلْمِ وَالْجَوْرِ فِي زَمَانِ وِلَايَتِهِ حَتَّى ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ بِمُلَاحَظَةِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْأَخْذِ (تَأْتِي إلَى ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَيَقْبَلَانِهَا وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ هَدَايَا الْأُمَرَاءِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ خَرَجَ إلَى زُهَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ وَكَانَ) زُهَيْرٌ (عَامِلًا عَلَى حُلْوَانٍ) حَالَ كَوْنِهِ (يَطْلُبُ جَائِرَتَهُ) أَيْ حَقَّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (هُوَ وَأَبُو ذَرٍّ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهِ) بِالْجَوَازِ (نَأْخُذُ مَا لَمْ نَعْرِفْ شَيْئًا مِنْ عَطَائِهِ حَرَامًا بِعَيْنِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ) لَا فِعْلُهُ وَعَمَلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُفْتِي، وَلَا يَعْمَلُ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَأَفْتَيَا بِالْجَوَازِ، وَأَخَذَا مِنْهُ (انْتَهَى)

(وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَزَادَ) فِيهِ (وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ) ذِكْرِ (أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَعَلَّك) لَمَّا ادَّعَى الْمُصَنِّفُ عَدَمَ إمْكَانِ الْوَرَعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي الْجَمِيعِ وَأَثْبَتَهُ بِبُرْهَانٍ إنِّيٍّ أَرَادَ إثْبَاتَهُ بِبُرْهَانٍ لَمِّيٍّ فَقَالَ (وَلَعَلَّك يَخْتَلِجُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015