بورتسموث التي عاد صالح جبر يزفها إلى الشعب العراقي زاعما أنها تخدم مصلحة البلدين. ولسنا بسبيل الحديث عن تلك المعاهدة وشروطها، ولكن الشعب العراقي واجهها بعاصفة شديدة من الاستنكار، وتضافرت الأحزاب على رفضها، وبدأ رد الفعل بإضراب طلاب الحقوق والهندسة، وبتنظيم المظاهرات الجماهيرية الكثيفة، وحدثت صدامات مروعة بين المتظاهرين والشرطة ذهب ضحيتها عدد غير قليل من القتلى، واستمرت التظاهرات التي بدأت في السادس عشر من كانون الثاني تزداد حدة وتصاعدا حتى بلغت ذروتها في السابع والعشرين من الشهر، واضطر الوصي ان يعلن بأن المعاهدة لم تكن مرضية، كما اضطر رئيس الوزراء إلى الاستقالة، ثم إلى الهرب من العراق نجاة بنفسه. وكانت مئات الألوف كل يوم تخرج لتشييع الشهداء، والخطاء ينادون بضرورة إلغاء المعاهدة، فما كانت حكومة السيد محمد الصدر التي تألفت بعد حكومة صالح جبر تملك سوى التراجع عن تلك المعاهدة.
انه ليس من السهل أن يحدد المرء دور الحزب الشيوعي في وثبة كانون، ولكن الحكومة العراقية تعتقد؟ كما يعقد الحزب الشيوعي نفسه - انه كان للشيوعيين دور قيادي في الوثبة (?) ؛ غير أن النظرة الفاحصة تنبئ أن الأحزاب الأخرى كالديمقراطي الوطني وحزب الاستقلال والأحرار كان لها دور هام في تلك الحركة، وإنها كانت هبة وطنية عامة، ولم ينفرد بفخرها حزب واحد. ولعل بدرا لو سئل في تلك الأيام لأكد أن الحزب الذي كان ينتمي إليه كان ذا دور هام في الوثبة، هذا إن لم يقل انه انفرد بمجدها كله، ولكنه حين سخط