ويستوقفنا في هذه الخاتمة أمران: أولهما الجمع بين موت عشتار (أي حلول الجدب والعقم) وبين رجم الزوجات (والرجم يعني الخيانة) فان هذا كلام غير ملتئم، ولهذا كان أن نفهم الرجم هنا بمعنى الضرب غير المعلق بحد من الحدود. والثاني قوله بعد ذكر الزوجة: " وللنخيل في شطها عويل "، فان إسراعه إلى ذكر النخلة (رمز الأم) في شعره يدل على ان العقل الباطن لديه لم يستطع أن يقف مرتاحا عند ذكر " الزوجة " وحدها.

وحين كان الشاعر يستسلم في بعض تلك القصائد إلى التطويل، فانه لم يكن يهتم بالتمايز بين مراحل القصيدة بمقدار اهتمامه بتكديس الصور المفزعة. ولهذا يمكن إن يقال؟ في شيء من التعتيم - ان الحرص على البناء الفني المحكم كان اقل مرتبة من الحرص الذي بذله في القصائد الكهفيات وما عاصرها من قصائد وما قبل عهد الرعب.

ولا ريب في ان الذين يظنون إن " البعث " قاعدة ثابتة في شعر السياب وأن " المطر " رمز للحياة والخصب عنده قد يهمهم أن يقرأوا قصيدة " مدينة السندباد " من بين تلك القصائد علة وجه الخصوص، ففيها الشاعر بالندامة على إلحاحه في استسقاء المطر:

تبارك الإله واهب الدم المطر ... وفيها إنكار للبعث جملة:

نود لو ننام من جديد ... نود لو نموت من جديد ... ؟.

نود لو سعى بنا الطريق ... إلى الوراء حيث بدؤه البعيد ... من أيقظ العازر من رقاده الطويل؟ ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015