الختامي. وهي إلى ذلك تعبير عن قدرة بدر على ان يصور الحياة ببساطة ودون حشد زاخر من الصور، مثلما حاول أن يفعل في " حفار القبور ". ومع ذلك كان بدر فيها - من حيث البناء الكلي - ضحية طموحه بأن ينقل قطاعات كثيرة من الحياة الإنسانية، ويضعها في إطار واحد، ولو اكتفى برسم صورة الأطفال اللاعبين، المنادي الذي يشتري المعادن العتيقة وما ينجم عن هذا التقابل من فزع في نفسه إزاء صورة ثالثة تمثل الدمار، وتقتل البراءة بقتل رموزها، ولكن ذلك أقدار على التأثير الفني، عن طريق الاكتمال الطبيعي في البناء. ومهما يكن من شيء فأن قارئ القصيدة يحس بنضج الحنين في نفس الشاعر إلى بيت وطفل، ولعل هذا الشعور العاتي هو الذي مكنه من أن يجعل الأطفال محور الجمال وقطب الترابط في قصيدته، غير ناس أن ينعش من خلال ذلك صور طفولته في جيكور.
وتتميز القصيدة باتساق الروافد الثقافية في حزمة واحدة، وقد ألمحت من قبل إلى الأثر الخفي الذي تركه فيها أعوان، وتلك الاقتباس الجميلة التي وقعت موقعا جميلا حين انتزعها عامدا من رواية روميو وجولييت؛ ولأول مرة نجد عنده اقتباسا من اديث سيتول (?) ، الشاعرة التي ستهبه في المستقبل دنيا من الصور والرموز؛ وتناسب في ثنايا القصيدة خفقات من قصيدة شوقي، التي يتحدث فيها عن الأطفال:
ألا حبذا صحبة المكتب ... وأحبب بأيامه أحبب
ويا حبذا صبية يلعبون ... رداء الحياة عليهم صبي بل ان المفارقة التي رسمها شوقي بين عالم الأطفال وعالم المستقبل الذي لعب بمقاديرهم ونثر تلك الباقة الجميلة بيد قاسية، هي المفارقة