فالرصاص والحديد لم يعودا يتخذان للحرب وإنما لبناء كون جديد.
تلك بإيجاز هي الصورة العامة للقصيدة، ويتضح منها أن المبنى الشعري أقيم على أساس المقابلة بين دنيا الأطفال في براءتها وحيويتها وما تضفيه من هناءة في القلوب، وما تعقده من علاقات سلمية في الحيات وبين الدعوة إلى الحديد والرصاص؟ وقد كان هذا التقابل يمثل الدورتين الأولى والثانية في القصيدة على نحو مسترسل ضاف، فيه طول النفس وفيه جمال التصوير لدينا الأطفال والصورة المضادة لها، ولكنه انقلن إلى تصوير جزئية صغيرة - منظر أم فقيرة تبيع سريرا كان ذات يوم مهدا للحب - ثم عاد يرسم التقابل بين تعب العمال في استخراج المعادن التي تبني الحضارات، وتحول هذه المعادن نفسها في خدمة الشر والطواغيت، ثم يجيء قسم بتحرير الأرض من أولئك الطغاة، وتمجيد عالم السلام وصانعيه في عدد كبير من الأمكنة، وتختم القصيدة بالأمل في فجر جديد؛ وقد أضطرب البناء على الشاعر، ولكنه في كل مرة لم يفلت الخيط العام الذي يربط أجزاء القصيدة، وذلك الخيط هو الالتفات دائما إلى الأطفال - والى سحر عالم الطفولة، فإذا أضطره المقام إلى الابتعاد عن تصوير هذه الناحية إيجابيا تساءل: كيف يكون العالم إذا خلا من الأطفال؟
فمن يتبع الغيمة الشاردة ... ويلهو بلقط المحار؟ ... ويعدو على ضفة الجدول ... ويسطو على العش والبلبل ... ومن يتهجى طوال النهار ... ومن يلثغ الراء في المكتب ...