ومن اجل ذلك يتفنن في تصوراته التي تنعش له مهنته، ويتمنى على الله ان يبطش بالناس " نسل العار " ويهلكهم بالرجوم:
يا رب ما دام الفناء
هو غاية الأحياء فأمر يهلكوا هذا المساء
سأموت من ظمأ وجوع
أن لم يمت بعض الأنام
كل ذلك لأن حفار القبور لا وجود لصنعته إلا بوجود الحرب. غير انه حفار بوهيمي لا يكاد يجد المال في جيبه حتى يندفع به إلى الحانات ودور البغايا، وقد تركته مهنته فريسة للنزوات من كثرة ما دس في الثرى من أجسام فاتنة، وفي الفصل الأخير من قصة هذا الحفار الذي يعيش على غرائزه يدفن المرأة التي كانت تهبه جسدها ويسترد الأجر الذي دفعه لها:
ماتت كما ماتوا ووارها كما وارى سواها
واسترجعت كفاه من يدها المحطمة الدفينة
ما كان أعطاها؟
وتظل أنوار المدينة وهي تلمع من بعيد
ويظل حفار القبور ينأى عن القبر الجديد
متعثر الخطوات يحلم بإلقاء وبالخمور
ان في هذه " الملحمة " معنى المأساة الكامنة في ضروب الصراع، فالحفار في صراع مع غرائزه، وشعوره مقسم بين الدعوة إلى الحرب والثورة عليها، وإذا شعر من نفسه بالوحشية لتمنيه الحرب والدمار اعتذر عن ذلك بقوله:
أنا لست أحقر من سواي
وان قسوت فلي شفيع؟. أني كوحش في الفلاة