فتضوع أنفاس الربيع تهز افياء الدوالي ... حتى تلاشى في الهواء كأنه خفق الجناح ... ولكنه لا يريد أن يموت؛ كان من قبل يتمنى الموت، كان يقول له: خذني بين ذراعيك، يوم كان الهوى وهما يعذبه الحنين إلى لقائه، أما اليوم، حين برزت السمراء كنجم تألق في مسائه، فليبتعد الموت عنه لينعم بحبها:
يا موت يا رب المخاوف والدماميس الضريرة ... اليوم تأتي؟ من دعاك؟ ومن أرادك أن تزوره ... انا ما دعوتك ايها القاسي فتحرمني هواها ... دعني اعيش على ابتسامتها، وان كانت قصيره ... كان في مطلع العام (1948) قد لقي المنتظرة، وقرأت؟ أو تخيل إنها قرأت - قصيدته " أهواء " التي سرد فيها تجاربه الأولى في الحب، فكتبت إليه؟ أو تخيل إنها كتبت إليه - تقول: " وها انا ذا ألقاك بعد بحث طويل (كانت هي أيضا تبحث عن المنتظر) ولكنني واحسرتاه لقيتك بعد فوات الأوان، لقد أحببت كثيرا من النساء حتى سئمت الحب، ووزعت قلبك بينهن، وسقيت التراب بالخمرة التي كانت في كأسك ولم تدخر لي منها قليلا " (?) . فذهب يؤكد لها انه نسي الماضي كله وليس في حياته سوى الحاضر:
وكان انتظارا لهذا الهوى ... جلوسي على الشاطئ المقفر
وإرسال طرفي يجوب العباب ... ويرتد عن افقه الأسمر
إلى أن أهل الشراع الضحوك ... وقالت لك الأمنيات انظري ولكن هذا الحب كان كالقنبلة الموقوتة بين القلبين، فهو مرهون