بدائع الفوائد (صفحة 917)

على الله والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.

فصل:

ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} فهذا مطالبته لهم بتصحيح دعواهم وترديد لهذه المطالبة بين أمرين لا بد من واحد منهما وقد تعين بطلان أحدهما فلزم ثبوت الآخر فإن قولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً} خبر عن غيب لا يعلم إلا بالوحي فإما أن يكون قولا على الله بلا علم فيكون كاذبا وإما أن يكون مستندا إلى وحي من الله وعهد عهده إلى المخبر وهذا منتف قطعا فتعين أن يكون خبرا كاذبا قائله كاذب على الله تعالى.

فصل:

ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} فهذه حجة من الله احتج بها على أهل الكتاب فإنه كان قد أخذ عليهم الميثاق أن لا يقتل بعضهم بعضا ولا يجليه عن دياره وأن يفدي بعضهم بعضا من الأسر فهذه ثلاث عهود خالفوا منها عهدين وأخذوا بالثالث فقتل بعضهم بعضا وأخرجه من دياره ثم فادوا أسراهم لأن الله أمرهم بذلك فإن كنتم قد فاديتم الأسارى لأن الله أمركم بفدائهم فلم قتلتم بعضكم بعضا وأخرجتموهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015