منها وجدتها كثيرة جدا وإنما أشرنا إليها إشارة ثم لو سلم بطريق الفرض الباطل أن النار خير من الطين لم يلزمه من ذلك أن يكون المخلوق منها خيرا من المخلوق من الطين فإن القادر على كل شيء يخلق من المادة المفضولة من هو خير ممن خلقه من المادة الفاضلة والاعتبار بكمال النهاية لا ينقص المادة فاللعين لم يتجاوز نظره محل المادة ولم يعبر منها إلى كمال الصورة ونهاية الخلقة فأين الماء المهين الذي هو نطفة ومضغة واستقذار النفوس له إلى كمال الصورة الإنسانية التامة المحاسن خلقا وخلقا وقد خلق الله تعالى الملائكة من نور وآدم من تراب ومنه ذرية آدم من هو خير من الملائكة وإن كان النور أفضل من التراب فهذا وأمثاله مما يدلك على ضعف مناظرة اللعين وفساد نظره وإدراكه وأن الحكمة كانت توجب عليه خضوعه لآدم فعارض حكمه الله وأمره برأيه الباطل ونظره الفاسد فقياسه باطل نصا وعقلا وكل من عارض نصوص الأنبياء بقياسه ورأيه فهو من خلفائه وأتباعه فنعوذ بالله من الخذلان ونسأله التوفيق والعصمة من هذا البلاء الذي ما رمي العبد بشر منه ولأن يلقي الله بذنوب الخلائق كلها ما خلا الإشراك به أسلم له من أن يلقي الله وقد عارض نصوص أنبيائه برأيه ورأي بنى جنسه وهل طرد الله تعالى إبليس ولعنه وأحل عليه سخطه وغضبه إلا حيث عارض النص بالرأي والقياس ثم قدمه عليه والله يعلم أن شبه عدو الله مع كونها داحضة باطلة أقوى من كثير من شبه المعارضين لنصوص الأنبياء بآرائهم وعقولهم فالعالم يتدبر سر تكرير الله تعالى لهذه القصة مرة بعد مرة وليحذر أن يكون له نصيب من هذا الرأي والقياس وهو لا يشعر فقد أقسم عدو الله أنه ليغوين بنى آدم أجمعين إلا المخلصين منهم وصدق تعالى ظنه عليهم وأخبر أن المخلصين لا سبيل له عليهم والمخلصون هم الذين أخلصوا العبادة والمحبة والإجلال والطاعة لله والمتابعة والانقياد لنصوص الأنبياء فيجرد عبادة الله عن عبادة ما سواه ويجرد متابعة رسوله وترك ما خالفه لقوله دون متابعة غيره فليزن العاقل نفسه بهذا الميزان قبل أن يوزن يوم القدوم