والشفاعة للملائكة والأنبياء وغيرهم تضبطها قدرة الخالق فكيف يقال: ليس في الآخرة أمر ولا نهي حتى يقال لا يعصون الله تعالى ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون في الدنيا أفترى الله عز وجل لا يأمرهم يوم القيامة في أمر النار بشيء فلا يعصون فيه ويفعلون ما يؤمرون فيه، نعم ليست الآخرة دار حرث وإنما هي دار حصاد وأوامر الرب ونواهيه ثابتة في الدارين وكذلك أوامر التكليف ثابتة في البرزخ ويوم القيامة وحكاه أبو الحسن الأشعري في مقالاته عن أهل السنة في تكليف من لم تبلغه الدعوة في الدنيا أن يكلفوا يوم القيامة فقول القائل: الآخرة ليست دار تكليف ولا أمر ولا نهي قول باطل ودعوى فاسدة والله تعالى الموفق.
تحقيق معنى الولاية:
قال: ذكر بعضهم أنه يجوز أن يقول: أنا مؤمن ولا يقولك أنا ولي وفرق بينهما فإن الله تعالى أمر من ظهر منه الإيمان أن يسمى مؤمنا قال تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} الآية ولم يأمر من ظهر منه ذلك أن يسمى وليا ولا فرق بينهما فإن الله قد وصف الولي بصفة المؤمن فقال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاّ الْمُتَّقُونَ} وهذه صفة المؤمن ثم لا يجوز أن يصف نفسه بأنه ولي وكذلك المؤمن ولأنه إنما يكون وليا بتوليه لطاعات الله وقيامه بها كالمؤمن.
قلت: هذه حجة من منع قول القائل: أنا مؤمن بدون استثناء كما لا يقول: أنا ولي ومن فرق بينهما أجاب بأنه لا يمكنه العلم بأنه ولي لأن الولاية هي القرب من الله عز وجل فولى الله هو القريب منه المختص به والولاء هو في اللغة القرب ولهذا علامات وأدلة وله أسباب وشروط وموجبات وله موانع وآفات وقواطع فلا يعلم العبد هل هو ولي الله أم لا وأما الإيمان فهو أن يؤمن بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله ولقائه ويلتزم أداء فرائضه وترك محارمه وهذا يمكن أن يعلمه من نفسه بل ويعلمه غيره منه.
والذي يظهر لي من ذلك أن ولاية الله تعالى نوعان عامة وخاصة:
فالعامة: ولاية كل مؤمن فمن كان مؤمنا لله تقيا كان له وليا وفيه من الولاية بقدر إيمانه وتقواه ولا يمتنع في هذه الولاية أن يقول: