ومن خطه أيضا من تعاليقه:
عذاب القبر حق، وقد وقيل ولا بد من انقطاعه لأنه من عذاب الدنيا والدنيا وما فيها فان منقطع فلا بد أن يلحقهم الفناء والبلاء ولا يعرف مقدار مدة ذلك يجوز أن يحشر الله العباد يوم القيامة عراة في وقت خروجهم من قبورهم يوم البعث ثم يكسو الله المؤمن حلل الجنان ويجعل على الكافر والعصاة سرابيل القطران والتعبد في الآخرة بترك التكشف زائل.
المحشر هل هو في أرض الجنة أو في أرض من أراضي من أراضي الدنيا أو في موضع لا من الجنة ولا من النار؟ فقد قيل: أول حشر الناس عند قيامهم من قبورهم في هذه الأرض التي ماتوا ودفنوا فيها ثم يحولون إلى الأرض التي تسمى الساهرة فهذا معنى قوله: {فَإذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} والساهرة هي التي يحاسبون عليها فإذا فرغوا من الحساب وجازوا على الصراط وميز بين المجرمين والمؤمنين ضرب بينهم بسور فكان ما وراء السور مما يلي الجنة من أرض الجنة وصار ما دون السور مما يلي النار من أرض جهنم وموضع الحساب يصير من جهنم قوله تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} المراد الأمر في الدنيا لأن الآخرة ليس فيها أمر ولا نهي على الملائكة ولا غيرهم لأن التعبد زائل, وفي البخاري عن علي: "اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل".
قلت: هذا وهم منه رحمة الله تعالى فإن الله تعالى يأمر الملائكة يوم القيامة بأخذ الكفار والمجرمين إلى النار وسوقهم إليها وتعذيبهم فيها ويأمر عباده بالسجود له فيخرون سجدا إلا من منعه الله من السجود ويأمر المؤمنين فيعبرون الصراط ويأمر خزنة الجنة بفتحها لهم ويأمر خزنة النار بفتحها لأهلها ويأمر ملائكة السماوات بالنزول إلى الأرض ويأمر بشأن البعث كله وما بعده فالأمر يومئذ لله ولا يعصى الله في ذلك اليوم طرفة عين وأوامره ذلك اليوم للثواب والعقاب