بدائع الفوائد (صفحة 603)

أنا ولي إن شاء الله كما يقول: أنا مؤمن إن شاء الله.

والولاية الخاصة: إن علم من نفسه أنه قائم لله بجميع حقوقه مؤثر له على كل ما سواه في جميع حالاته قد صارت مراضي الله ومحابة هي همه ومتعلق خواطره يصبح ويمسي وهمه مرضاة ربه وإن سخط الخلق فهذا إذا قال: أنا ولي الله كان صادقا.

وقد ذهب المحققون في مسألة (أنا مؤمن) إلى هذا التفصيل بعينه فقالوا: له أن يقول آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه ولا يقول: أنا مؤمن لأن قوله: أنا مؤمن يفيد الإيمان المطلق الكامل الآتي صاحبه بالواجبات التارك للمحرمات بخلاف قوله: آمنت بالله فتأمله.

وإذا دخل خارجي أو قاطع طريق إلى بلد وقد غصب الأموال وسبى الذراري هل يجوز معاملته؟

نظرت فإن لم يكن معهم إلا ما أخذوه من الناس لم يجز معاملتهم وإن كان معهم حلال وحرام لم يجز أيضا إلا أن يبينوه كرجل كان عنده أربع إماء فأعتق واحدة منهن بعينها وعرض واحدة منهن وهو مدع لرقهن لم يجز الشراء منه حتى يبين التي أعتقها وكذلك إذا كان عنده ميتة ومذكاة لم يجز الشراء منه حتى يبين فأما الأموال التي في أيدي هؤلاء الغصبة من الخوارج واللصوص الذين لا يعرف لهم صناعة غير هذه الأموال المغصوبة عليهم فالعلم قد أحاط بأن جميع ما معهم حرام فلا يجوز البيع والشراء منهم ولكن يجوز للفقير أن يأخذ منهم ما يعطوه من جهة الفقر لأن إمام المسلمين لو ظفر بهذا الفاسق وبما معه من الأموال لوجب أن يصرف هذه الأموال في الفقراء وأما المستور فإنه يحكم له بما في يده لأنا لا نعلم أنه في دعواه مبطل.

وكذلك لو أن رجلا من فساق المسلمين لا ينزع عن الزنا والقذف ونحوه وكان في يده مال حكم له به ويفارق هذا من يعرف بالغصب والظلم لأن الظاهر أن تلك الأموال حرام غصوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015