ويأتون مجالس الحكام" وبإسناده عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان يدعوا فيه المؤمن للعامة فيقول الله عز وجل: ادع لخاصة نفسك أستجب لك فأما العامة فإني عليهم ساخط"، وبإسناده عن عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي قال: قال أحمد بن حنبل: "إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه" قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم" وبإسناده عن همام بن مسعود كان يقول: "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقا" وليت القاضي ذكر أسانيد هذه الأحاديث وكتبها لأكشف حالها.
ومن خط القاضي أيضا:
حكى عن عثمان بن منصور وعمرو بن معدي كرب أنهما كانا يقولان: "الخمر مناحة مباحة ويحتجان بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قالا: "قد آمنا وعملنا الصالحات فلا جناح علينا فيما طعمنا" فلم تكفرهما الصحابة بهذا القول وسؤالهما الحكم في ذلك لأنه لم يكن قد ظهرت أحكام الشريعة في ذلك الوقت ظهورا عاما ولو قال بعض المسلمين في وقتنا هذا لكفرناه لأنه قد ظهر تحريم ذلك.
وسبب نزول هذه الآية ما قاله الحسن: "لما نزل تحريم الخمر قالوا كيف بإخواننا الذين ماتوا وهي في بطونهم وقد أخبر الله أنها رجس فأنزل الله {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} وكذلك قد قيل في مانعي الزكاة أنهم على ضربين منهم من حكم بكفره وهم من آمن بمسيلمة وطليحة والعنسي ومنهم من لم يحكم بكفره وهم من لم يؤمنوا بهم لكن منعوا الزكاة وتأولوا أنها كانت واجبة عليهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عليهم وكانت صلاته سكنا لهم قالوا: وليس صلاة ابن أبي قحافة سكنا لنا فلم يحكم بكفرهم لأنه لم يكن قد أنتشرت أحكام الإسلام ولو منعها مانع في وقتنا حكم بكفره.