بدائع الفوائد (صفحة 562)

فيه لامرأته وهذا ممتنع لوجهين:

أحدهما: أنه لم يأمره أن يسرى بامرأته ولا دخلت في أهله الذين وعد بنجاتهم.

والثاني أنه لم يكلفهم بعدم الالتفات ويأذن فيه للمرأة إذا عرف هذا فاختلف النحاة هل من شرط الاستثناء المنقطع تقدير دخوله في المستثني منه بوجه أو ليس ذلك بشرط فكثير من النحاة لم يشترطوا فيه ذلك وشرطه آخرون. قال ابن السراج: "إذا كان الاستثناء منقطعا فلا بد من أن يكون الكلام الذي قبل (إلا) قد دل على ما يستثنى؛ فعلى الأول لا يحتاج إلى تقدير وعلى الثاني فلا بد من تقدير الرد ولنذكر لذلك أمثله:

المثال الأول: قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ اتِّبَاعَ الظَّنّ} فمن لم يشترط التقدير أجراه مجرى المفرغ والمعنى ما عندهم أو ما لهم إلا اتباع الظن وليس اتباع الظن متعلقا بالعلم أصلا ومن اشترط التقدير قال المعنى ما لهم من شعور إلا اتباع الظن والظن وإن لم يدخل في العلم تحقيقا فهو داخل فيه تقدير إذ هو مستحضر بذكره وقائم مقامه في كثير من المواضع فكان في اللفظ إشعاره به صح به دخوله وإخراجه وهذا بعد تقريره فيه ما فيه فإن المستثنى هو اتباع الظن لا الظن نفسه فهو غير داخل في المستثنى منه تحقيقا ولا تقديرا فالأحسن فيه عندي أن يكون التقدير ما لهم به من علم فيتبعونه ويلقون به إن يتبعون إلا الظن فليس اتباع الظن مستثنى من العلم وإنما هو مستثنى من المقصود بالعلم والمراد به هو اتباعه فتأمله هذا على تقدير اشتراط التناول لفظا أو تقديرا وأما إذا لم يشترط وهو الأظهر فتكون فائدة الاستثناء ههنا كفائدة الاستدراك ويكون الكلام قد تضمن نفي العلم عنهم وإثبات ضده لهم وهو الظن الذي لا يغني من العلم شيئا ومثله قوله تعالى وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ليس المراد به نفي الحكم الجازم وإثبات الحكم الراجح بل المراد نفي العلم وإثبات ضده وهو الشك الذي لا يغنى عن صاحبه شيئا والمذكور من الأمثلة يزيد هذا وضوحا المثال الثاني قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاّ مَنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015