عبروا عنه بأن لا يكون المستثنى من جنس المستثنى منه وهذا يحتمل شيئين:
أحدهما: أن يكون المستثنى فردا من أفراد المستثنى منه.
الثاني: أن لا يكون داخلا في ماهيته ومسماه فنحو جاء القوم إلا فرسا منقطع اتفاقا وجاءوا إلا زيدا متصل ورأيت زيدا إلا وجهه منقطع على الاعتبار الأول لأن الوجه ليس فردا من أفراد المستثنى منه ولكن لا أعلم أحدا من النحاة يقول ذلك ويلزم من ذلك أن يكون استثناء كل جزء من كل منقطعا ونحو قوله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاّ الْمَوْتَةَ الأُولَى} منقطع على التفسير الأول لعدم دخول الموتة الأولى في المستثنى منه متصل على التفسير الثاني لأنها من جنس الموت في الجملة وفي الاستثناء المنقطع عبارة أخرى وهي أن يكون منقطعا مما قبله إما في العمل إما في تناوله له فالمنقطع تناولا جاء القوم إلا حمارا والمنقطع عملا نحو قوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلاّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ} فهذا استثناء منقطع بجملة كذا قاله ابن خروف وغيره وجعلوا من مبتدأ ويعذبه خبره ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وجعل الفراء من هذا قوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} على قراءة الرفع وقدره إلا قليل منهم لم يشربوا وقواه ابن خروف واستحسنه، ومن هذا قولهم: "ما للشياطين من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجون أولئك المطهرون المبرؤون من الخناء" وقيل إن من هذا قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} في قراءة الرفع ويكون امرأتك مبتدأ وخبره ما بعده وهذا التوجيه أولى من أن يجعل الاستثناء في قراءة من نصب من قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} وفي قراءة من رفع من قوله: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} ويكون الاستثناء على هذا من فأسر بأهلك رفعا ونصبا وإنما قلنا إنه أولى لأن المعنى عليه فإن الله تعالى أمره أن يسري بأهله إلا امرأته ولو كان الاستثناء من الالتفات لكان قد نهي المسري بهم عن الالتفات وأذن