بدائع الفوائد (صفحة 544)

فصل:

فإذا ثبت هذا فسواء مبتدأ في اللفظ و (على وعليكم أو عليهم) مجرور في اللفظ وهو فاعل في المعنى المضمون من مقصود الكلام إذ قولك سواء علي في معنى لا أبالي وفي أبالي فاعل وذلك الضمير الفاعل هو المجرور ب على في المعنى لان الأمرين إنما استويا عليك في عدم المبالاة فإن لم تبال بهما لم تلتفت بقلبك إليهما وإذا لم تلتفت فكأنك قلت: لا أدري أقمت أم قعدت، فلما صارت الجملة الاستفهامية في معنى المفعول لفعل من أفعال القلب لم يلزم أن يكون فيها ضمير يعود على ما قبلها إذ لبس قبلها في الحقيقة إلا معنى فعل يعمل فيها من المفعول ضمير على عاملة ولولا قولك: (علي وعليكم) ما قوى ذلك المعنى ولا عمل في الجملة ولكن لما تعلق الجارية صار في حكم المنطوق به وصار المجرور هو الفاعل في المعنى كالفاعل في علمت ودريت وباليت، ألا ترى كيف صار المجرور في قولهم: له صوت صوت غراب، بمنزلة الفاعل في يصوت حتى كأنك نطقت بيصوت فنصب صوت غراب لذلك، وإذا قلت: عليه نوح الحمام؛ رفعت نوح الحمام لأن الضمير المخفوض بعلى ليس هو الفاعل الذي ينوح كما كان في قولك: له صوت صوت غراب، وكذلك المجرور في سواء عليهم هو الفاعل الذي في قولك: لا يبالون ولا يلتفتون إذ المساواة إنما هي في عدم المبالاة والالتفات والمتكلم لا يريد غير هذا فصار الفاعل مذكورا والمبالاة مفعوله مقصوده فوقعت الجملة الاستفهامية مفعولا لها".

قال: "ونظير هذه المسألة حذو القذة بالقذه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} فبدا فعل ماض فلا بد له من فاعل والجملة المؤكدة باللام لا تكون في موضع فاعل أبدا وإنما تكون في موضع المفعول بـ (علمت) وأن لم يكن في اللفظ علموا ففي اللفظ ما هو معناه لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015