المواضع وهجر فيه جانب اللفظ إلى جانب المعنى وبقي حكم الابتداء مقتضيا للرفع لفظا والمبتدأ متضمن لمعنى يخالف معنى الابتداء فحكم لذلك المعنى فلم يعد على اللفظ ضمير وحكم للفظ المبتدأ بحكم الابتداء فارتفع.
فهذا قول هذه الطائفة الأخرى واعترض عليه بعد الاعتراف بحسنه وقوته بأن العرب لم تنطق بمثل هذا في سواء حتى قرنته بالضمير المجرور ب على نحو سواء عليكم وسواء عليهم وسواء علي فإن طردوا ما أصلوه في سواء سواء قرن بـ (على) أم لم يقرن فليس كذلك وإن خصوه بالمقرون بـ (على) فلم يبينوا سر اختصاصه بذلك.
وقالت طائفة ثالثة منهم السهيلي وهذا لفظه "لما كانت العرب لا تقول سيان أقمت أم قعدت ولا مثلان ولا شبيهان ولا يقولون ذلك إلا في سواء مع المجرور بـ (على) وجب البحث عن السر في ذلك وعن مقصد القوم في هذا الكلام وعن المساواة بين أي شيء هي وفي أي الصفات هي من الاسمين الموصوفين بالتساوى فوجدنا معنى الكلام ومقصوده إنما هو تساوي عدم المبالاة بقيام أو قعود أو إنذار أو ترك إنذار ولو أرادوا المساواة في صفة موجودة في الذات لقالوا سواء الإقامة والشخوص كما يقولون سواء زيد وعمرو وسيان ومثلان يعنى استواءهما في صفة ذاتيهما فإذا أردت أن تسوى بين أمرين في عدم المبالاة وترك الالتفات لهما وأنهما قد هانا عليك وخفا عليك، قلت: سواء علي أفعل أم لم يفعل كما تقول: لا أبالي أفعل أم لم يفعل؛ لأن المبالاة فعل من أفعال القلب وأفعال القلب تلغي إذا وقعت بعدها الجمل المستفهم عنها أو المؤكد باللام تقول: لا أدري أقام زيد أم قعد وقد وقعت بعدها ليقومن زيد ولكن لا تلغى هذه الأفعال القلبية حتى يذكر فاعلها في اللفظ أو في المعنى فتكون حينئذ في موضع المفعول بالعلم" ثم قال: