تقول الورد في أيار وتقول الرطب في شهر كذا وكذا ومنه قول الشاعر:
أكل عام نعم يحوونه ... يلقحه قوم وتنتجونه
ومثله قولك البدر ليلة رابع عشرة ولا حاجة إلى تكلف طلوع البدر بل لا يصح هذا التقدير لأن السائل إذا سألك أي وقت البدر فإنه لم يسألك عن الطلوع إذ هو لا يجهله وإنما يسألك عن ذات البدر ونفسه فقولك هو ليلة أربع عشرة تريد به أن ليلة أربع عشرة هي ليلة كونه بدرا لا ليلة طلوعه فتأمله. وعلى هذا فلا يسوغ هذا الاستعمال حتى يكون الزمان يسع ما قيدته به من الحدث والجثة التي في معناه فلو كان الزمان أضيق من ذلك لم يجز التقييد به لأن الوقت لا يكون أقل من المؤنث فلا تقول نحن في يوم السبت وإن صح أن تقول نحن في المائة الثامنة ولا تقول الحجاج في يوم الخميس وتقول الحجاج في زمن بني أمية والله اعلم.
إشكالات إعرابية:
قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} وقال تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} وقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أنتمْ صَامِتُونَ} مما أشكل إعرابه على فحول العربية واختلفت أقوالهم في ذلك: فقال صاحب الكشاف: "سواء اسم بمعنى الاستواء وصف به كما يوصف بالمصادر" ومنه قوله تعالى: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} وقوله تعالى: {فِي أربعة أيام سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} بمعنى مستوية وارتفاعه على أنه خبر لأن {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُم} في موضع رفع على الفاعلية كأنه قيل: إن للذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه كما تقول: إن زيدا مختصم أخوه وابن عمه أو يكون {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُم} في موضع الابتداء وسواء خبرا مقدما بمعنى سواء عليهم إنذارك وعدمه والجملة خبر لـ (إن) .
فإن قلت الفعل أبدا خبر لا مخبر عنه فكيف صح الإخبار عنه في هذا الكلام؟
قلت هو من جنس الكلام المهجور فيه جانب اللفظ إلى جانب المعني وقد وجدنا العرب يميلون في مواضع من كلامهم مع المعاني ميلا بينا، من ذلك قولهم: لا تأكل السمك