الغندجاني من جهة مع قرائن تثبت صحة قوله من جهة أخرى .. ".
قلت: وهذا نمط من التحقيق مخيف. فإن الغندجاني قد نقل كلام النمري الذي قال عن ولادة بنت (الوليد) لينقضه بأنها بنت (خليد)، فبادر الأستاذ إلى نص النمري وغيّره، وجعله مواقفًا لقول الغندجاني، وليت شعري كيف يعقل بعد ذرك ردّه على النمري على حين لم يبق فرق بين كلاميهما! ولعلّ المحقّق الفاصل ألجأه إلى ذلك - كما قال في مقدّمته - إشفاقه على قرّائه أن يعلق الخطأ بأذهانهم، ولا تمتدّ بهم آجالهم إلى أن يصلوا إلى الصفحة التالية (147) حيث ورد تصحيح الغندجاني، ولذلك لمّا تكرّر الخطأ في هذه الصفحة لم يكترث له، وتركه دون تعديل. ولو اتخذ المحقّق هذا المنهج الذي هو أبو عذره، من أول الكتاب لأخرج للناس كتابًا نادرًا لم يؤلف مثله قط!
ثالثًا: قول الغندجاني في الرد على النمري: ( ... وهذه هوس أيضًا، لأن أمّ الوليد وسليمان هي ولادة بنت خليد بن جزء ... ) كذا ورد في الأصل و (ب) وشرح التبريزي، وهو غلط فاحش أربأ بأبي محمد الأعرابي أن يقع في مثله، وهو في موقف الرد على النمري بهذا الأسلوب الحادّ العنيف "وهذا هوس". وإنّما أراه سهوًا من ناسخٍ التبس عليه الأمر بذكر القعقاع بن خليد بن جزء.
ولكن الدكتور سلطاني أشار في تعليقه السابق إلى "قرائن تثبت صحّة قول الغندجاني" يعني أن ولادة بنت خليد، إلّا أنّه لم يذكر قرينة واحدة فضلّا عن قرائن، بل رجع إلى شرح التبريزي، واشتغل بتصحيح ما وقع فيه من أخطاء، ولم يطفن لما أسقطه هو نفسه من نصّ الغندجاني، فقال: "وهي عند التبرزي 4/ 46 "ولادة بنت الوليد (مصحف عن خليد) بن حزن (مصحف عن جزء) ... كما أخطأ التبريزي ثانية حين جعل اسم أخيها (خليد بن القعقاع) وصوابه (القعقاع بن خليد) بدليل قوله في بعض ما أورده من خبره "كان قد أدلَّ على سليمان والوليد لأنه خالفهما" وأدلّة أخرى. انظر شرح أبيات سيبويه (133)