والواو والياء، فيقول: "واعلم أن الحركة التي يتحملها الحرف، لا تخلو أن تكون في المرتبة قبله أو معه أو بعده، فمحال أن تكون الحركة في المرتبة قبل الحرف؛ إذ لو كانت كذلك لما جاز الإدغام في الكلام أصلا، ألا ترى أنك تقول: قطع، فتدغم الطاء الأولى في الثانية، ولو كانت حركة الطاء الثانية في الرتبة قبلها، لكانت حاجزة بين الطاء الأولى والطاء الثانية، ولو كان الأمر كذلك لما جاز إدغام الأولى في الثانية، فجواز الإدغام في الكلام دلالة على أن الحركة ليست قبل الحرف المتحرك بها.. وبقي أن تكون معه أو بعده، وفي الفرق بينهما بعض الإشكال، فالذي يدل على أن حركة الحرف في المرتبة بعده، أنك تجدها فاصلة بين المثلين، نحو قولك، قصص، ومضض، فإن ظهر هذان المثلان، ولم يدغم الأول منهما في الآخر منهما، فظهورهما دلالة على فصل واقع بينهما، وليس هاهنا فصل ألبتة، غير الحركة المتأخرة عن الحرف الأول"1.
أما أبو علي الفارسي، فإنه لم يتصور إمكان استقلال الحركة بالنطق، ولم يستطع أن يفرق بين الصوت الصامت والحركة هذه التفرقة، فكان يرى أن الحركة تحدث مع الحرف، يقول ابن جني: "واستدل أبو علي على أن الحركة تحدث مع الحرف بأن النون الساكنة إذا تحركت، زالت عن الخياشيم إلى الفم، وكذلك الألف إذا تحركت انقلبت همزة، فدل ذلك عنده، على أن الحركة تحدث مع الحرف، وهو لعمري استدلال قوي"2.