وقد فات أبا علي الفارسي، أن الذي يزول عن الخياشيم إلى الفم، هو الحركة وليست النون، وأن الذي يتحرك هو الهمزة، وليست ألف مد؛ لأن ألف المد حركة طويلة، والحركة لا تحرك!
ولم تخل هذه الكتب كذلك من داء التصحيف والتحريف، الذي ابتليت به الكتابة العربية منذ القديم، فقد وقع في كتاب "المزهر" للسيوطي النص التالي: "قال ابن درستويه في شرح الفصيح: قول العامة نحوي لغوي، على وزن: جَهِلَ يَجْهَلُ، خطأ أو لغة رديئة"1. وفي هامشه تعليقا على عبارة: "نحوي لغوي" قال محققو المزهر: "لم نقف على ضبط هذه العبارة"!
وهذا الذي لم يقف على ضبطه محققو المزهر، موجود على الصواب في تصحيح الفصيح لابن درستويه، وهو قوله: "فتقول: غَوِيَ يَغْوَى، على نحو جَهِلَ يَجْهَل"2.
هذه هي بعض الملاحظات، التي لم يقصد كاتبها إلى الحصر والاستقصاء، وإنما هو تنبيه للأذهان، إلى أنه قد آن الأوان، لتنقية تراثنا اللغوي، من كل هذه الشوائب، التي تركت آثارها الجدرية، في وجه اللغة الحسناء، لغتنا الجميلة.