النصح المباشر له.

فمثلا: عندما جاء النفر الثلاثة وسألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالوها، وقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل ولا أنام، وقال الآخر: لا أتزوج النساء، وقال الثالث: أصوم ولا أفطر، أو: لا آكل اللحم. وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فقام صلى الله عليه وسلم وخطب الناس وقال: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني» (?) .

فانظر كيف عالج النبي صلى الله عليه وسلم؛ المعلم الأول هذا الجنوح إلى الغلو، بذلك الأسلوب الحكيم، والتوجيه غير المباشر، وفيه من الفوائد إضافة إلى ما تقدم ذكره: أنه علاج ليس لأولئك النفر الثلاثة فحسب، وإنما علاج لظاهرة الغلو التي قد تكون موجودة عند آخرين، لكنهم لم يأتوا لبيت النبوة، ولم يتحدثوا بما في نفوسهم كما فعل أولئك النفر الثلاثة؛ فكون التوجيه جاء عاما، وعلى الملأ، وبتوجيه غير مباشر دون تعرض للأشخاص؛ كل ذلك جعله من أبلغ وسائل العلاج وأفضله، وأعلاه وأتمه.

ومن أمثلة ذلك: وصاله - صلى الله عليه وسلم الصيام في رمضان، ولشدة محبة أصحابه له وتأسيهم بفعله، واصل بعضهم الصيام كذلك. فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: «ما بال رجال يواصلون، إنكم لستم مثلي. أما والله! لو تماد لي الشهر لواصلته وصلا يدع المتعمقون تعمقهم» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015