والنظر في آيات الكتاب العزيز والسنة المطهرة وفقهها وتدبر ما فيها يظهر القارئ على ذلك الاتساق، فالتدبر إذا وقع صدّق القرآن بعضه بعضا في فهم القارئ كما هو مصدق بعضه بعضا في واقع الأمر. وإذا أعرض الإنسان عن التدبر ولم يأخذ بالقرآن كله وضرب الأدلة بعضها ببعض اختلفت عليه فكان ذلك سببا في انحرافه عن الحق.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مبينا أصلا جامعا في رد ما تنازع فيه الناس من فهم النصوص: (والمقصود هنا ذكر أصل جامع تبنى عليه معرفة النصوص، ورد ما تنازع فيه الناس إلى الكتاب والسنة، فإن الناس كثر نزاعهم في مواضع في مسمى الإيمان والإسلام لكثرة ذكرهما، وكثرة كلام الناس فيهما، والاسم كلما كثر التكلم فيه فتكلم به مطلقا، ومقيدا بقيد آخر في موضع آخر كان هذا سببا لاشتباه بعض معناه، ثم كلما كثر سماعه كثر من يشتبه عليه ذلك. ومن أسباب ذلك أن يسمع بعض الناس بعض موارده ولا يسمع بعضه، ويكون ما سمعه مقيدا بقيد أوجبه اختصاصه بمعنى، فيظن معناه في سائر موارده كذلك، فمن اتبع علمه حتى عرف مواقع الاستعمال عامة، وعلم مأخذ الشبه أعطى كل ذي حق حقه، وعلم أن خير الكلام كلام الله، وأنه لا بيان أتم من بيانه، وأن ما أجمع عليه المسلمون من دينهم الذي يحتاجون إليه أضعاف ما تنازعوا فيه) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015