ولقد أمر الله - عز وجل - بأوامر هي من شعب الإيمان، ونهى عن أمور هي من شعب الكفر، وليس كل من ترك شعبة من شعب الإيمان زال إيمانه و (ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنا، حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته) (?) .
ففي الناس إذا قوم تركوا شيئا من شعب الإيمان أو فعلوا شيئا من شعب الكفر (الكبائر) ومعهم من الإيمان ما يمنع خلودهم في النار، فليسوا من المنافقين أو المرتدين وليسوا من المؤمنين حقا، فصاروا في مرتبة الفسق أو ما يسميه بعض العلماء: الفاسق الملي (?) .
وأما الخوارج فإنهم يكفرونه بالمعصية، ويحكمون عليه بالخلود في النار لجهلهم بمراتب الناس ومسائل الأسماء والأحكام في ضوء نصوص الشريعة.
* * *
وأما في الجانب المنهجي فقد ضل الخوارج لأسباب منها:
أولا: عدم الجمع بين الأدلة إن من سمات هذا الدين التي أبان عنها القرآن الكريم: اتساقه وتصديق بعضه بعضا، وعدم تناقضه؛ لأنه واحد المصدر: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]