ولقد كان عدم الجمع بين الأدلة، والاقتصار على بعضها وضرب القرآن بعضه ببعض سببا من أسباب انحراف الفرق ومنهم الخوارج. يتضح هذا من النظر في استدلالاتهم. واعتبر ذلك بالنظر إلى هاتين المجموعتين من النصوص: 1- يقول الله - عز وجل -: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14] وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23] 2 - يقول الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: 13] ويقول سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71]
فهاتان مجموعتان من النصوص يلحق بهما ما في معناهما: تسمى الأولى: نصوص الوعيد. وتسمى الثانية: نصوص الوعد.
وقد صار فهم هذه النصوص سببا لانحراف طائفتين: الخوارج والمرجئة.
فالخوارج أخذوا بعموم آيات الوعيد وقالوا: المعصية الواحدة كافية للخلود في النار.